أكد بولنوار الحاج طاهر، الناطق الرسمي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، أن التبادل التجاري الذي يحدث بين الدول العربية تحت مظلة المنطقة العربية للتبادل الحر، هو تبادل شكلي لا يمثل في حقيقته الحد الأدنى من أهداف إيجاد المنطقة العربية التي تسعى إلى زيادة التبادل البيني العربي، مشيراً إلى أن نسبته من الإجمالي الكلي العام لا تتجاوز نحو 10 في المائة، مقارنة بحجم التبادل التجاري البيني القائم بين الدول العربية مع دول الخارج، لافتاً إلى أن ثلاثة أرباع الصادارات العربية تعتمد على ثروة النفط في ظل عدم التوجه الجاد لدى كثير من الدول إلى إيجاد بدائل أخرى من المنتجات والاعتماد على النفط القابل للنضوب والزوال كسلعة رئيسية في الناتج القومي، خاصة أن أمريكا الدولة الأكبر في استهلاك البترول تتجه حالياً إلى إيجاد بدائل للطاقة بحلول عام 2020. وأوضح المسؤول، الذي كان في زيارة إلى مكةالمكرمة لأداء مناسك العمرة، أن المنطقة العربية للتبادل الحر، والتي كانت الجزائر من آخر المنظمين إلى قائمتها في مطلع عام 2009، لم تؤد الأهداف المرجوة منها، مبيناً أن هناك ثلاثة عوامل قادرة على تفعيل دور المنطقة، وأولها أنه يجب إعادة النظر في تفعيل دور غرف التجارة والصناعة العربية لتصبح كغرف التجارة الأوروبية والأمريكية والآسيوية، وثانيها أنه لا بد من تأسيس هيئات حكومية يتمثل هدفها في حماية السوق العربية من المنتجات الأجنبية، وثالثها يتم من خلال إيجاد اتحاد عربي للجمعيات التجارية قادرة على تمثيل التجار، سواء كانوا تجار جملة أو تجزئة. وأردف المسؤول: ''إن الغرف التجارية العربية لم تستطع تجسيد مشاريع التبادل التجاري مع الدول الأخرى كما هو الحال بالنسبة للغرف على مستوى العالم، وإنه على الغرف أن تعمل على تشجيع دولها على تصدير منتجاتها بعد أن تصل إلى مراحل الاكتفاء الذاتي''، داعياً إلى أن يكون هناك هيئات حكومية وجمعيات مدنية، تكون قادرة على سد الفجوة القائمة بين التجار العرب والمنتجين من خلال إيصال التاجر بالمنتج بشكل مباشر، وأن تعمل تلك الجهات على حماية السوق من المنتجات التي تلحق الضرر بالمستهلك، كالمنتجات المقلدة التي بلغت نسبتها نحو 30 في المائة من المنتجات المتداولة في السوق العربية، وأيضا على حماية السوق من السوق السوداء التي انتشرت بشكل كبير جداً، ومست جميع المنتجات كالذهب والعملة والمواد الغذائية وغيرها، لافتاً إلى أن الخطورة الحقيقية التي تمثلها السوق السوداء التي تشغل نحو 20 مليون شخص على مستوى العالم العربي، هو الظهور الحقيقي أخيراً بأن هناك ارتباطا وثيقا لها مع شبكات التهريب وشبكات المتاجرة في الممنوعات، وقدرت هذه السوق على تشكيل الخطر على الاقتصاد العربي بشكل عام والخطر على الاقتصاد الوطني في الدولة الموجود فيها السوق السوداء، التي تشجع على تسويق المنتجات الأجنبية على حساب المنتجات المحلية، حيث إن أكثر من 90 في المائة من المنتجات التي تمرر على الأسواق السوداء هي أجنبية، خاصة أن هناك مؤسسات أنشئت خصيصاً لتسويق المنتجات المقلدة أو منتهية الصلاحية للدول العربية. واستدرك إلى أن وجود معظم غرف التجارة في الدول العربية هو وجود شكلي، وقد تكون ممثلة فقط للدور الإداري غير الإيجابي في إطار منظومة التبادل التجاري البيني، كتنظيم الاجتماعات الدورية والتنسيق لتبادل زيارات الوفود التي لم تشهد حتى الوقت الحالي أي نتائج ملموسة على الصعيد العام في ظل عدم وجود إلزامية على تحقيق نتائج اقتصادية في كل زيارة، كما هو الحال في دول الخارج التي تشترط أن يكون الحد الأدنى للنتائج الملموسة يصل إلى نحو 20 في المائة ، لافتاً أن إنشاء اتحاد العرب للجمعيات التجارية الذي يجب أن يبدأ النظر إليه بجدية بعد أن دق ناقوس الخطر في جنبات الاقتصاد العربي، حيث إن هذا الاتحاد من النتائج المرجوة منه، الإسهام في تحقيق المساعدة في تبادل المعلومات في كيفية حماية السوق العربية، ويشجع بعد تأسيسه تسويق المنتجات العربية بينياً، وحماية السوق أيضا من المنتجات المقلدة والمنتهية الصلاحية التي يعاد تغليفها وشكلها، ويحمي السوق من المتاجرة في الممنوعات ومن المخدرات وغيرها. وأضاف الاقتصادي الجزائري: ''إن من أسباب فشل برامج تبادل الزيارات للوفود التجارية بين الدول العربية وعدم تحقيقها لبرامج اقتصادية ملموسة، يعود إلى عدم وجود هياكل ذات قوة ومصداقية تكون قادرة على تجسيد الاتفاقيات القائمة، فيما بين الدول العربية بوجه عام، وعلى وجه الخصوص تلك الاتفاقيات التي تم بناءً عليها تنظيم زيارة الوفود''. وقال الحاج طاهر: ''رغم أن السعودية تعد من بين أكبر خمس دول عربية الأكثر تعاملاً في الميدان التجاري مع الجزائر، إلا أن حجم التبادل التجاري السعودي – الجزائري، لا يزيد على 300 مليون دولار (الدولار يعادل 3.75 ريال)، وهو الرقم الذي يدل على أن حجم التبادل ضعيف، بالرغم من التنوع في المنتجات، سواءً كانت نفطية أو مواد غذائية التي تشكل نسبتها نحو 10 – 20 في المائة وغيرها''، وتابع: ''إن اللجنة المشتركة السعودية – الجزائرية، لرجال الأعمال، والتي أنشئت خلال الأعوام القليلة الماضية، لم تحقق بعد المأمول منها، وما زال دورها عند الحد الأدنى بالرغم من أنها تلتقي دوريا''. ودعا الحاج طاهر إلى استغلال العلاقات السياسية التي وصفها بالحسنة جداً والفاعلة بين الدول العربية، للضغط على الاقتصاديين وتوظيفها لزيادة حجم التبادل التجاري البيني لرفع مستويات التنمية، مؤكداً أن الوقت بات يلح على إيجاد الآليات والوسائل التنفيذية لاستغلال تلك العلاقات لزيادة نسب الاستثمار بين البلدان العربية التي منها السعودية والجزائر، خاصة أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، الدولة الأكبر في استهلاك البترول العربي، تتجه بحلول عام 2020 إلى استخدام نحو 20 – 25 في المائة من الحبوب لتحويلها إلى طاقة حيوية، وهو الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى قلة التصدير للبترول وانخفاض سعره وحدوث أزمات غذائية ستتضرر منها البلدان العربية بشكل أكبر في ظل عدم تمكنها في ذلك الحين إلى توفير الموارد المالية لتوفير الغذاء. وامتدح الحاج طاهر، ما يتميز به العالم العربي من مؤهلات قادرة في حال استغلالها على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي والتصدير أيضاً، متسائلاً عما إذا تم تشجيع الاستثمار الزراعي بين السعودية والجزائر، وهل يمكن من خلاله تغطية الحاجة إلى الغذاء، خاصة أن السعودية لديها جميع المؤهلات لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والتصدير أيضاً، مؤكدا أن هناك عدم توجه حقيقي لتأمين الغذاء من خلال الإنتاج المحلي، خاصة أن الإحصائيات تؤكد أن أقل من 5 في المائة من المساحة العربية مزروعة، ونحو 2 في المائة غابات، وأن المساحات المخصصة للرعي تصل فقط إلى نحو 23 في المائة، لافتاً إلى أنه ليس هناك أسباب فعلية واضحة لعدم وجود التوجه لهذا المجال، حيث إن جميع المؤهلات متوافرة، خاصة من المياه الموجودة من عدة مصادر كالبحار والأنهار والسدود وغيرها، والتي لا يستغلها العالم العربي إلا بنسبة لا تتجاوز في حجمها نحو الثلث من النسبة الإجمالية التي تذهب هدراً.