قصفت طائرات هليكوبتر عراقية حرم جامعة مدينة تكريت لطرد مسلّحين متشدّدين اجتاحوا المدينة ضمن حملة مكّنتهم من السيطرة على غالبية المناطق السُنّية وعزّزت تقدّمهم صوب العاصمة بغداد. سقطت تكريت مسقط رأس الرئيس السابق صدام حسين قبل أسبوعين في قبضة مسلّحين سُنّة بقيادة مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المنشقّ عن القاعدة. وقالت منظّمة (هيومن رايتس ووتش) إن تحليلا لصور فوتوغرافية وصور التقطتها الأقمار الصناعية (يشير بقوة) إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام نفّذ عمليات إعدام جماعية في تكريت بعد أن استولى عليها يوم 11 جوان في بداية هجومه المباغت. وذكرت المنظّمة أن التنظيم قتل نحو 190 رجل على الأقل في موقعين خلال ثلاثة أيّام، وأضافت أن الأعداد ربما تكون أكثر بكثير، لكن صعوبة تحديد أماكن الجثث والوصول إلى المنطقة حال دون إجراء تحقيق كامل. وشنّت القوات العراقية هجوما جويا على تكريت ونقلت قوات خاصّة بطائرات هليكوبتر إلى استاد رياضي. وسقطت واحدة من هذه الطائرات على الأقل بعد تعرّضها لنيران المسلّحين. وقال فرحان إبراهيم التميمي الأستاذ في جامعة تكريت والذي فر إلى بلدة مجاورة (غادرت مع أسرتي في وقت مبكّر اليوم، كان بوسعنا سماع إطلاق النيران وطائرات الهليكوبتر تضرب المنطقة). وتبخّر الجيش العراقي الذي يبلغ قوامه مليون جندي وجرى تدريبه وتسليحه تحت إشراف الولايات المتّحدة من الشمال إلى حدّ كبير عندما بدأ المسلّحون المتشدّدون السُنّة بقيادة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام هجومهم بالاستيلاء على الموصل أكبر المدن في شمال العراق يوم 10 جوان. ظهرت الدولة الإسلامية في العراق والشام عندما تحدّى أبوبكر البغدادي زعيم جماعة كانت تسمّى وقتها الدولة الإسلامية في العراق قيادة القاعدة وانتقل إلى سوريا المجاورة منذ أكثر من عام ليقاتل في الحرب الأهلية الدائرة هناك ضد الرئيس السوري بشار الأسد. وتقاتل الجماعة الآن في سورياوالعراق وتسعى لمحو الحدود وإقامة خلافة إسلامية تمتدّ من ساحل البحر المتوسّط إلى العراق. وفي واشنطن طالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الكونغرس يوم الخميس بالموافقة على تخصيص مبلغ 500 مليون دولار لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة السورية المعتدلين الذين تتفوّق عليهم قوات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الأكثر نشاطا وفاعلية. وفي العراق توقّف المسلّحون المتشدّدون على مسافة ساعة بالسيّارة من شمال بغداد وعلى مشارفها الغربية، لكنهم يواصلون تقدّمهم في مناطق مختلطة طائفيا مثل محافظة ديالى ويعزّزون قبضتهم على شمال غرب العراق. وقال نائب في البرلمان وزعيم الأقلّية الشبك الشيعية إن المسلّحين المتشدّدين استولوا على ستّ قرى يقطنها الشبك جنوب شرقي الموصل بعد اشتباكات مع قوات البشمركة الكردية التي تؤمّن المنطقة. جلسة البرلمان من المقرّر أن ينعقد البرلمان العراقي المنتخب منذ شهرين يوم الثلاثاء المقبل ليبدأ عملية تشكيل الحكومة الجديدة التي تأمل الولايات المتّحدة ودول أخرى أن تشمل كلّ الأطياف بصورة تمكّن بغداد من درء أعمال العنف المسلّح. وتلقّى مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام -وهي جماعة تقول إن الشيعة خارجون على الإسلام ويجب قتلهم- مساعدة من جماعات سُنّية أخرى أقلّ تشدّدا توافقهم الرأي في أن السُنّة تعرّضوا للاضطهاد في عهد رئيس الوزراء نوري المالكي. وتأمل واشنطن أن تتمكّن مرّة أخرى من إقناع جماعات من العشائر السُنّية التي انقلبت على القاعدة أثناء (ذروة) الحملة الأمريكية عامي 2006 -2007 بدعم الحكومة العراقية بشرط تشكيل حكومة تضمّ كلّ الأطياف. وحصد ائتلاف دولة القانون الذي يقوده المالكي ويهيمن عليه الشيعة غالبية مقاعد البرلمان في انتخابات أفريل نيسان، لكنه يحتاج إلى حلفاء لتشكيل الحكومة. وقال المالكي هذا الأسبوع إنه سيلتزم بالمواعيد التي حدّدها الدستور لتشكيل حكومة جديدة بعد ضغوط وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي زار بغداد لإجراء محادثات طارئة بسبب الأزمة وحثّه على التحرّك.