ما حكم تعجيل الزكاة قبل الحول، أرجو ذكر المذاهب في ذلك، وإذا دفع الإنسان زكاته معجلة وبيَّن للفقير أنها زكاة معجلة ثم توفي المزكي قبل نهاية الحول فهل للورثة المطالبة بذلك المال؟ - يجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها، فتقدم عند المالكية في مشهور مذهبهم بنحو الشهر، وعند الحنفية لسنتين وأكثر، واقتصر الحنابلة على سنتين، والشافعية على سنة وقالوا: إن أُعلم المستحق للزكاة عند إعطائه ثم مات المزكي قبل تمام الحول فلورثته استرداد المال المدفوع. - أما ما ذكرنا من أن السادة المالكية مذهبهم جواز التعجيل اليسير، فقد قال العلامة الدردير رحمه الله في الشرح الكبير: (أو قدمت بشهر.. إذ لا تجزئ في أكثر من شهر على المعتمد في زكاة عين ومنها عرض المدير أو دينه المرجو من بيع وماشية لا ساعي لها فتجزئ مع كراهة التقديم بخلاف ما لها ساع فالحرث لا تجزئ). - ومذهب الشافعية أنه لا يصح تعجيل الزكاة على مالك النصاب ويجوز قبل الحول، ولا يصح أن تعجل الزكاة لعامين في الأصح بل لعام واحد، جاء في المنهاج للإمام النووي رحمه الله: (لا يصح تعجيل الزكاة على مالك النصاب، ويجوز قبل الحول، ولا تعجل لعامين في الأصح) لأن القربة المالية إذا كان لها سببان جاز تقديمها عند وجود أحدهما. - ومذهب الحنفية الذين جوزوا تعجيل الزكاة لأكثر من عامين، ذكره العلامة السرخسي رحمه الله في المبسوط: (تعجيل الزكاة عن المال الكامل الموجود في ملكه من سائمة أو غيرها جائز عن سنة أو سنتين أو أكثر). -ومذهب الحنابلة أنه يجوز تعجيلها لسنتين لا أكثر، قال العلامة المرداوي رحمه الله: يجوز تعجيلها لحولين فقط، وهو الصحيح من المذهب. وهو وجه صحيح عند الشافعية. وعلى ما ذكرنا فإنه يجوز تقديم الزكاة ولا ينبغي أن تُسترد بعد موت المزكي قبل حولان الحول، لأنها إن لم تكن زكاة على الحقيقة فلن تقْصر عن أن تكون صدقة من الصدقات تصدق بها هذا المزكي من خالص ماله قبل موته، وقد عقد الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه، باب: لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، ومن ما أورد فيه رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “فإن العائد في صدقته، كالكلب يعود في قيئه”. وروى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: “من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة، فإنه لا يرجع فيها...“، وهل من الوفاء لهذا الميت أن ينقض ورثته هذا التصرف الذي يدل بوضوح على حرصه على أداء هذه الفريضة حتى قبل وجوبها عليه؟ وهل نحرج هذا الفقير بمطالبته بصدقة دفعت إليه وفي غالب الحال أنه قد صرفها في حوائجه، فيحتار بعدها كيف يستطيع ردها وهو لا يملك قوت يومه؟ والله أعلم.