كسور... جروح وعاهات مستديمة مرت قرابة الشهرين على الدخول المدرسي لموسم 2014/2015، وهو موسم أرادته وزيرة التربية نورية بن غبريط أن يكون مميزا، فأصدرت وزارتها العديد من المراسيم و القرارات التي من شأنها أن تحقق مبتغاها، ولكن على ما يبدو لا يمكن أن يحصل ذلك في ظل الظروف الراهنة، فظاهرة اعتداء التلميذ على الأستاذ أضحت مشهدا عاديا من مشاهد حياتنا اليومية، فكل يوم يتعرض الأساتذة إلى الضرب من طرف تلامذتهم في مختلف الأطوار الدراسية، وتفشت هذه الظاهرة خصوصا بين تلاميذ الطور الثانوي الذي أصبح الكل على مستواه مهددا بالضرب أو الإصابة بالعاهة المستديمة. عتيقة مغوفل يتعرض الأساتذة وحتى المساعدون التربويون في كثير من الأحيان للمضايقات والتهديدات التي لا تفارق أفواه التلاميذ المراهقين، والأدهى والأمر من ذلك أنه بعد استدعاء أولياء الأمور من طرف إدارة المؤسسة التربوية للوقوف على تصرفات وسلوكات أبنائهم عساهم يحدون منها، يكون جوابهم (الله غالب وقتهم هكذا، حنا أوما قدرنالهمش)، وهي الإجابة التي تفسر على أن الأولياء قد استقالوا من تأدية واجباتهم التربوية تجاه أبنائهم. اعتدى على أستاذة بشفرة الحلاقة لهذه الأسباب تقربت (أخبار اليوم) من الأستاذ (واكلي محمد) أستاذ تاريخ وجغرافيا بأحد ثانويات العاصمة، الذي كشف لنا بدوره عن تخوفه المستمر من الظاهرة التي أصبحت تتفاقم يوميا، و هذا السلوك حسبه يضع المربي في موقع خطير في كل مكان داخل وخارج المؤسسة، فقد تعرض الأستاذ (واكلي محمد) للاعتداء من طرف أحد تلامذته في مرحاض المؤسسة، وسبب الاعتداء كان نقطتين أنقصهما الأستاذ من فرض الرياضيات للتلميذ المعتدي، ما أثار غضب هذا الأخير الذي فضل الانتقام من أستاذه باستغلال وقت دخول هذا الأخير إلى دورة المياه، وضربه هناك مستعملا شفرة حلاقة، حيث وجه له عدة طعنات بالشفرة على مستوى الظهر، إلا أن الضربات كانت سطحية ولم تسبب أدى كبيرا للأستاذ إلا بعض الخدوش في الظهر، وهو الأمر الذي دفع بالأستاذ إلى تقديم شكوى ضد التلميذ لدى مدير المؤسسة الذي أصدر بدوره قرار طرد التلميذ من الثانوية وهو ما كان، ولكن وبعد مرور شهر من طرده قام والده وسجله في مؤسسة أخرى دون أن يتعرض ابنه لأية عقوبة جراء ما فعله بأستاذه، وهو الأمر الذي سيفتح المجال لهذا التلميذ من أجل تكرير فعلته. يضرب أستاذته ويتسبب لها في كسور على مستوى الأرجل أستاذة ثانية التقتها (أخبار اليوم) تعرضت هي الأخرى للضرب من طرف تلميذها، ويتعلق الأمر هنا بالسيدة(عطافي مليكة) أستاذة اللغة العربية بالطور المتوسط، في أحد الأيام طلبت من التلميذ المدعو( ل.ع)أن يحضر ولي أمره بسبب تشاجره مع أحد زملائه في القسم، بالإضافة إلى تراجع مستواه، وهو الأمر الذي جعل التلميذ يثور على أستاذته ويتربص بها عند الخروج من المؤسسة التربوية ويتبعها وهي تتجه إلى بيتها دون أن تلحظ ذلك، وحين دخلت إلى العمارة التي تسكن بها، خدعها التلميذ ووجه لها ضربات بعصي إلى قدميها مما جعلها تصاب بكسور على مستوى الرجل اليمنى أقعدتها الفراش لمدة تزيد عن الثلاثة أشهر، لهذا تقدمت بشكوى ضده المصالح المعنية إلا أنها اضطرت للتنازل عنها رأفة بوالديه وأيضا لم ترد أن تمنعه من اجتياز امتحان شهادة التعليم المتوسط. بالإضافة إلى هذا فقد كشفت لنا السيدة (قرين بهية) مستشارة التربية، عن مدى تخوفها من السلوكات التي أصبح يمارسها العديد من التلاميذ ففي نهاية السنة يقومون بشراء البيض رغم غلاء ثمنه ويرشقون به الأستاذ وكأنها طريقة عصرية وجديدة في تكريم الأستاذ ووداعه. وللأولياء رأي في الموضوع أما أولياء الأمور فيفسرون ما يقوم به الأبناء من تصرفات عدائية ضد أساتذتهم على أنه مشاكل نفسية يمرون بها أو طيش شباب، فمثلا السيدة(ز. ت)تعتبر المشاكل التي يقوم بها ابنها هشام مع أساتذته راجعة لفشل زواجها مع والده، وهو الأمر الذي لم يتقبله هشام ما جعله يتصرف بعدائية مع كل من يحتك به، كما أن هذه الأخيرة عرضت ابنها على الكثير من اختصاصيي أمراض النفس إلا أن تصرفاته بقيت على حالها، لذلك هي ترى أنه يجب على الأساتذة التحلي بالقليل من الصبر في التعامل مع هؤلاء التلاميذ ويعتبرونهم مثل أبنائهم حتى يحققون نوعا من التعايش والألفة ويتمكنوا من النجاح في الدراسة وتحقيق نتائج جيدة مع نهاية السنة بدل الرسوب.