اعتبر مراقبون أن التسجيل الصوتي المنسوب إلى زعيم الدمويين بالجزائر عبد المالك درودكال، والذي ربط فيه عملية التفاوض مع فرنسا بشأن رهائنها بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، محاولة يائسة للبحث عن متنفّس خارجي ولتبرئة ذمّة الجماعات الخاطفة بمنطقة الساحل من تهمة الجماعات الإجرامية وقطّاع الطرق، بعد أن تحوّلت الجماعات الإرهابية بمنطقة الصحراء الكبرى إلى جماعات خاطفة لرعايا أجانب همّها الوحيد جمع الأموال وتكديسها· يهدف التسجيل الذي يعتبر الأوّل من نوعه منذ شهور طويلة حسب المصدر المتابع للملف الأمني بالجزائر إلى إظهار الجماعات الإرهابية النّاشطة بالصحراء على أنها تابعة هيكليا لتنظيم القاعدة العالمي، لا سيّما بعد الضربات الموجعة التي تتلقّاها من قِبل قوّات الجيش الوطني الشعبي بالشمال والفوضى العارمة التي باتت تميّز العمليات الإرهابية، حيث ترمي الجماعات إلى الظهور على أنها تنظيم ملتزم وينشط تحت لواء تنظيم عالمي· واعتبرت مصادر رسمية فرنسية أن درودكال سعى من خلال التوقيت الذي تعمّده عشية انعقاد القمّة الأطلسية ليومين في لشبونة إلى ممارسة أكبر الضغوط على الطرف الفرنسي، علما أن الملف الأفغاني أحد أهمّ موضوعين مطروحين على القمّة· ويسعى الحلف الأطلسي إلى بلورة خطّة تقوم على نقل المسؤوليات الأمنية إلى القوّات الأفغانية بدءا من العام القادم، على أن تنتهي المهمّة في عام 2014· ولاحظت المصادر الفرنسية أن تهديدات درودكال الأخيرة لا تحمل جديدا، إذ سبق لأسامة بن لادن أن دعا باريس إلى سحب قوّاتها من أفغانستان، وإلى وضع حدّ للظلم اللاّحق بالمسلمات في فرنسا بسبب قانون منع ارتداء النّقاب في الأماكن العامّة على اختلاف أنواعها، وذلك في شريط مسجّل أذيع نهاية أكتوبر الماضي· ويعتقد المصدر أن ينزل سقف مطالب الخاطفين مع مرور الأيّام لينحصر في جانبه المادي وهو الأهمّ بالنّسبة للتنظيم المسلّح الذي ينسب نفسه إلى التيّار السلفي الجهادي· فالجماعات الإرهابية تعي جيّدا أن فرنسا لن ترضخ لمطالبها فتسحب قوّاتها من أفغانستان وتلغي القوانين التي تمنع وضع النّقاب، وبالتالي ستنتهي أزمة الرّهائن على الأرجح بدفع فدية يشاع أن الخاطفين حدّدوا قيمتها ب 7 ملايين دولار، وأن الحكومة الفرنسية تبلغت المطلب عن طريق وسطاء لهم تجربة في التعامل مع المسلّحين في الصحراء الكبرى· وقد ردّت فرنسا بشدّة على التحذير الذي وجّهه إليها زعيم ما بات يسمّى نفسه بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والذي دعاها فيه إلى التفاوض مع أسامة بن لادن لبحث الإفراج عن رهائنها الخمسة الذين خطفوا في النيجر ليل 15 - 16 سبتمبر الماضي· وقالت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال آليو ماري في بيان مقتضب إن فرنسا لا يمكنها أن تقبل أن تفرض عليها سياستها من الخارج من أيّ جهة أتت· وجاء خطف الفرنسيين الخمسة الذين كانوا يعملون في شمال النيجر في إدارة منجم لاستخراج اليورانيوم لصالح شركة أريفا الفرنسية ردّا على العملية العسكرية المشتركة فرنسية - موريتانية في شمال مالي في محاولة للإفراج عن الرّهينة الفرنسي ميشال جيرمانو، لكن العملية فشلت في تحقيق هدفها بيْد أنها أسفرت عن مقتل تسعة من أفراد الجامعات الخاطفة