الدين الإسلامي دين خلق وعدل وأمانة ولذلك مدح الله سبحانه وتعالى خلق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم 004)، وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ . ووصف الله سبحانه في علاه عباده المؤمنين بصفات منها الأمانة فقال عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون 008] وأمر صلى الله عليه وسلم المسلم بأداء الأمانة لمن ائتمنه وأن لا يخون من خانه فقال صلوات الله وسلامه عليه: أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ . والله سبحانه يقول في قرآنه: {نَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء 058]، وقال جل في علاه:{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب 072] . ولقد بين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن من صفات المنافق خيانة الأمانة فقال صلوات الله وسلامه عليه: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ . وقوله صلى الله عليه وسلم: أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ . والنصوص في ذلك كثيرة. وكذلك الامتناع عن شهادة الحق فيها إثم كبير لأنه يترتب عليه ضياع حقوق الخلق ولذلك قال الحق سبحانه: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا... الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة 283]. والممتنع عن أداء شهادة الحق يندرج تحت شاهد الزور لأن شاهد الزور يؤدي إلى ضياع حقوق الخلق وكذلك الممتنع عن الشهادة يؤدي إلى ضياع حقوق الخلق والله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم ناهيا عباده عن عبادة غيره وكذلك النهي عن اجتناب الزور: {ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج 030]. وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ . ثَلاَثًا. قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ . وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ . قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا ليته سَكَتَ . متفق عليه. فمن خان الأمانة ودفعها لغير صاحبها لضياع الحق وامتنع عن شهادة الحق فهو آثم مرتكب لكبيرة يجب عليه التوبة منها وإحقاق الحق. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.