في جوان الماضي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الخلافة الإسلامية وطالب الجماعات الجهادية في العالم بواجب تقديم البيعة لزعيمها أبي بكر البغدادي. قبل ذلك وفي شهر أفريل 2014 كان تنظيم سلفي جهادي متشدّد يسمّى (مجلس شورى شباب الإسلام) ويتمركز في مدينة درنة في أقصى الشرق الليبي، أعلن عن تشكيل ما يسمّى ب (لجنة شرعية لفضّ النّزاعات والصلح بين النّاس بشرع اللّه)، على حدّ تعبيره، مهمّتها (تطبيق الشريعة) على حدّ زعم القائمين عليها، وذلك خلال استعراض عسكري كبير نسبيا كشف عن امتلاك القوى الجهادية في البلاد أسلحة ثقيلة ومتطوّرة في 22 جوان أظهر فيه دعمه ل (الدولة الإسلامية) وزعيمه أبو بكر البغدادي. ومن جملة ما قال فيه: (لزام علينا نحن في مجلس شورى شباب الإسلام نصرة هذه الدولة الإسلامية المظلومة التي عاداها القريب والبعيد، سواء من الكفّار أو المنافقين أو مرضى النفوس). وتابع البيان: (فدولة الإسلام باقية -بإذن اللّه- لأنه ما كان للّه دام واتّصل وما كان لغيره انقطع وانفصل). وقد جاء ذلك البيان قبل الادّعاء الرسمي الذي صدر في 3 أكتوبر، والذي اعتبر الأراضي التي يسيطر عليها (مجلس شورى شباب الإسلام) في مدينة درنة جزءا من الخلافة، تلك الأراضي التي أطلق عليها فيما بعد اسم (ولاية درنة) التي هي جزء من (الدولة الإسلامية). * سرت في قبضة الخلافة بعد التمركز في درنة بدأت خلايا التنظيم في بقّية مناطق ليبيا بالتحرّك نحو بسط سيطرتها على مدن جديدة ومستفيدة من الصراع القائم بين الجيش الليبي وقوّات فجر ليبيا، في سيناريو مشابه لما حدث في سوريا، فبينما كانت قوّات الجيش السوري الحرّ تقاتل الجيش النظامي السوري إذ بالحركات الجهادية وعلى رأسها (داعش) تنجح في بسط سيطرتها على قطاعات واسعة من الشرق السوري وإعلان محافظة الرقّة عاصمة للخلافة. ففي 11 فيفري الحالي أفاد شهود عيان من مدينة سرت بأن (داعش ليبيا) سيطر أمس الأوّل على مقرّ إذاعة المدينة، مطالبا أهاليها بمبايعة زعيم (داعش) أبي بكر البغدادى، كما طالب النسّاء العاملات في مقرّ الضمان الاجتماعي بارتداء النقاب. وكان التنظيم قد سيطر على مقرّ مصلحة الجوازات في سرت وطرد الموظّفين. وقال أهالي المدينة الواقعة وسط البلاد إن التنظيم أذاع يوم أمس عبر إذاعة سرت المحلّية خطبا ل (أبي بكر البغدادي) لساعات وأكّدوا أن عناصر (داعش) يفرضون على الأهالي نظما وقوانين، منها عدم مغادرة النّساء لبيوتهنّ بعد صلاة المغرب ووجوب ارتداء الإناث للحجاب حتى في سنوات التعليم الابتدائي، إضافة إلى فصل البنين عن البنات في المدارس. * الطريق إلى الهلال النفطي شكّل الاستحواذ على منابع النفط في سورية والعراق أحد أكبر الانتصارات التي حقّقها (داعش)، فهي تشكّل مصدر تمويل ضخم لنشاطات التنظيم من خلال البيع في السوق السوداء. في ليبيا يسعى التنظيم إلى السيطرة على حقول النفط في منطقة الهلال النفطي الواقعة في شمال شرق البلاد، وفي هذا السياق اندلعت في 13 فيفري الحالي اشتباكات عنيفة بين قوّات حرس المنشآت النفطية وقوّات (داعش) جنوب غرب ميناء السدرة التي حاولت السيطرة على حقل الباهي النفطي. واقترب مسلّحو (داعش) من ميناء السدرة النفطي، حيث وصلوا إلى منطقة النوفلية التي تبعد ب 60 كيلومترا عن الميناء. و كان ثمانية حرّاس ليبيين قتلو الأسبوع الماضي، إضافة إلى ثلاثة فلبينيين وغانيين اثنين في الهجوم الذي شنّه مسلّحون على حقل المبروك النفطي وسط ليبيا، فيما قالت مجموعة تابعة ل (الدولة الإسلامية) في ليبيا إنها أسرت أثناء هجومها على حقل المبروك النفطي جنوب البلاد عددا من موظّفي شركة (طوطال) الفرنسية العاملة هناك، بينهم (فرنسيان). * مدن أخرى تحت التهديد في 14 فيفري الحالي نشر (داعش) ما أسماه ب (بشرى للمجاهدين)، وقال إنه يستعدّ للسيطرة على مدينة مصراتة الواقعة شرقي العاصمة الليبية طرابلس. وجاء في تدوينة تناقلتها مواقع وصفحات منسوبة إلى التنظيم: (جنود الدولة في سرت ولاية طرابلس يستعدّون على قدم وساق للسيطرة على مصراتة وستكون هناك عمليات نوعية هذه الأيّام بداخلها). وفي منطقة النوفلية المحاذية شرقا للمدينة أعلن تنظيم (داعش) يوم أمس عن استتابة أهاليها لمدّة 3 أيّام ليقام عليهم القصاص إذا لم يعلنوا البيعة لزعيم التنظيم أبي بكر البغدادي في ساحة المنطقة، وفي ذات السياق أفاد أهالي من مدينة صبراته (70 كلم غرب العاصمة طرابلس) بأن إعلانا مماثلا بثّ أمس من قِبل تنظيم أنصار الشريعة المسيطر على المدينة منذ سنوات، يستمرّ لمدّة ثلاثة أيّام قبل أن يقام القصاص بالقتل على كلّ من يمتنع عن مبايعة زعيم تنظيم (داعش) البغدادي. إلى ذلك، وزّع تنظيم (داعش) مناشير في مدينة صرمان الليبية غرب توجّه فيه بالتحذير إلى النّساء من استعمال (الماكياج) وارتداء اللباس الضيّق والاختلاط بالذكور في المؤسسات التربوية ومواقع العمل، كما دعا إلى ضرورة التقيّد باللباس الشرعي وإلى الفصل بين الجنسين في المدارس، وهدّد بأنه سيتّخذ قرارات عقابية ضد أولياء الأمور في الساحات العامّة باستعمال السلاح في حال مخالفة المرأة أو البنت لقرارات التنظيم الذي بات يسيطر على المدينة.