باشرت محكمة جنايات العاصمة، أمس، النظر في فضيحة سوناطراك المتورط فيها 18 متهما من بينها ممثلين عن شركات أجنبية أبرموا صفقات مشبوهة مع المجمع البترولي بحضور مكثف لوسائل إعلام محلية وأجنبية وممثلين عن سفارة إيطاليا وألمانيا، وهذا بعد ساعات من المد والجزر بين هيئة المحكمة ودفاع المتهمين الذين طالبوا بإلغاء تأسس الوكيل القضائي للخزينة العمومية كطرف مدني باعتبار المجمع مؤسسة ذات طابع تجاري وصناعي وليس عمومي إداري وهي من تصب الأموال في الخزينة العمومية، والتي خلصت بعد المداولات القانونية إلى قبول تأسسه في الشكل أما من جانب الموضوع فيتم الفصل فيه في الدعوى المدنية. وتعد انطلاقة المحاكمة في فضيحة من العيار الثقيل مسّت أموال الشعب في أول جلسة محاكمة دون أن تعرف اي تأجيلات تكرار ومرارا سابقة في تاريخ القضاء الجزائري، وقد استهلت جلسة المحاكمة باقتحام المحامي الموقوف (محسن عمارة) مبنى مجلس قضاء العاصمة للدفاع عن نجلي المدير العام لمجمع سوناطراك السابق مزيان محمد ، حيث حاول المحامي المشطوب الدخول إلى قاعة المحاكمة لكن تم منعه من طرف قوات الأمن ما دفعه للصراخ أمام باب القاعة وأخذ ينادي بأسماء نجلي محمد مزيان الذين وكلاه في بادئ الأمر للدفاع عنهم في قضية الحال، ثم قام المحامي بمناداة رئيس الجلسة القاضي (رقاد محمد) للسماح له بالدخول إلى القاعة، لكن القاضي أمر بإخراجه من المجلس بعد مناداته للمتهمين السابقين الذكر وسألهما إن كان يتمسكان بالمحامي محسن عمار للدفاع عنهما في القضية، لكن المتهمان صرحا للقاضي بأنهما يرفضان تأسيسه في حقهما وعليه أمر القاضي الجنائي بإبعاد (عمارة محسن) من جلسة الجنايات ومنعه من الدخول إليها وإذا حاول الولوج إلى القاعة فعلى القوة العمومية التدخل لمنعه من ذلك. وخلال الجلسة تقدمت هيئة الدفاع عن المتهمين التي انضم إليهم دفاع المجمع البترولي عبد المجيد سيليني الذي تأسس كطرف مدني لمطالبة المحكمة بإلغاء تأسيس الوكيل القضائي للخزينة العمومية طرفا مدنيا متسائلين عن سبب تأسسه اليوم رغم أن التحقيقات في الملف انطلقت منذ أزيد من 05 سنوات، كما أنه لم يلحقه أي ضرر كون ان سوناطراك مؤسسة اقتصادية وليست إدارية وهي من تضخ أرباحها في الخزينة العمومية، في حين طالب محام الرئيس المدير العام السابق لسوناطراك محمد مزيان تأجيل البث في القضية لعدم توفر ظروف المحاكمة الملائمة خاصة فيما يتعلق باستدعاء بعض الشهود الذي كان مقرر حضورهم غير أنهم تراجعوا وأغلقوا هواتفهم بعد قيام قناة تلفزيونية ووسائل إعلامية بنشر وقائع الملف، وهو ما استدعى تدخل المحامي مقران أيت العربي الذي رفض التأجيل باعتبار أن كل طرف لديه الحق في استدعاء الشهود الذين يراهم مناسبين لكن قبل 03 أيام من انعقاد الجلسة وتبليغ النيابة بذلك لتتخذ كافة الإجراءات اللازمة، قبل انقضاء الآجال القانونية وأن نشر القضية عبر وسائل الإعلام حق من حقوق التعبير. أمام هذه الطلبات رافع ممثل النيابة العامة الذي أكد أن كل مسألة في القضاء يوجد فيها الشكل والموضوع من حيث الشكل يحق للخزينة العمومية ولكل شخص حتى المواطنين من التأسس كأطراف مدنية ولا يجوز للمحكمة منعهم من التأسس وفق المادة 242 من قانون الإجراءات، لكن في الموضوع فلابد من تحديد نوع الضرر وهل فعلا أصيب الطرف المدني بالضرر وهذا يتم الفصل في الدعوى المدنية بعد الانتهاء من الدعوى العمومية. كما اعترض ذات المتحدث عن تأجيل النظر في القضية بسبب عدم توفر الظروف الملائمة للمحاكمة، موضحا أن جميع الظروف متوفرة لمحاكمة عادلة، وأن تناول قضية من العيار الثقيل في وسائل الإعلام معمول به دوليا ولا يعد سبب منطقي للتأجيل ومن حق أي وسيلة إعلامية أن تتحدث عن القضية، كما أن الظروف الصحية والنفسية والعقلية للمتهمين ولهيئة الدفاع وللنيابة وللقضاة والشهود حاضرة والوسائل المادية متوفرة ما يجعل التأجيل مرفوض، لتقر التشكيلة القضائية برئاسة القاضي محمد رقاد بعد إلغاء تأسيس الوكيل القضائي للخزينة العمومية والفصل في ذلك خلال الدعوى المدنية والسير في جلسة محاكمة المتهمين. كما تقدمت هيئة الدفاع بدفوعات شكلية خاصة محامي المتهم (مزيان بشير فوزي) فيما يخص انقضاء الدعوى للتقادم كون أن الوقائع تعود لسنة 2005/2007 والتحقيق انطلق بعد 05 سنوات من ارتكابها، وهو ما قبلت به هيئة المحكمة وضمّته للموضوع للفصل فيه.