تسير وزارة التجارة التي يديرها عمارة بن يونس نحو الاستجابة الكلية لشروط منظمة التجارة العالمية (المنافية لشرع الله) والتي تفرضها هذه المنظمة المشبوهة الخاضعة لسيطرة قوى الشر من أجل تدمير اقتصاديات الدول النامية، حيث تجلى ذلك في تعليمة وجهها الوزير بن يونس لتحرير تجارة الخمور، سبقها إقرار قروض استهلاكية ربوية محرمة، وضغوط من منظمة OMC لتعميمها على المنتوجات الأجنبية. وتشدّد مبادئ منظمة التجارة العالمية على ضرورة تحرير النشاط التجاري كشرط أساسي للانضمام، وهو ما يعني رفع الحصار عن المنتجات والتعاملات غير الإسلامية كالمشروبات الكحولية والمنتوجات التي تحتوي شحوم الخنازير وغيرها. وفي السياق، أمرت وزارة التجارة مؤخرا مصالح المركز الوطني للسجل التجاري بإلغاء العمل بنظام الترخيص المسبق للحصول على سجل تجاري خاص بنشاط بيع الخمور بالجملة، ما يعني تحرير تجارة (أم الخبائث) المحرمة شرعا بشكل رسمي. وكانت تجارة المشروبات الكحولية بالجملة، تخضع منذ سنوات لمجموعة من الشروط، منها الحصول على رخصة مسبقة هي بمثابة الشرط الأساسي لحيازة سجل تجاري يسمح بممارسة هذا النشاط. ومنذ سنوات السبعينات، تم اشتراط الحصول على سجل تجاري لممارسة نشاط بيع المشروبات الكحولية بحيازة رخصة مسبقة، كما أن تلك الرخص لا يمكن توريثها، وتنتهي صلاحيتها بمجرد وفاة صاحبها. ومع مرور السنوات، تناقصت أعداد حاملي تلك الرخص، لتتناقص أيضا أعداد المحلات المسموح لها بممارسة نشاط تجارة الخمور بالجملة. يذكر أن وزير التجارة عمارة بن يونس، أعطى تعليمات الصيف الماضي، بإعادة النظر في شروط الحصول على تراخيص فتح الخمارات ومحلات بيع الخمور في الجزائر. وكان هذا الإجراء في إطار الاستجابة لبعض شروط المنظمة العالمية للتجارة التي وضعت تحرير النشاط التجاري كشرط انضمام أساسي. قروض ربوية وضغوط لتعميمها من جهة أخرى، تبدي المنظمة العالمية للتجارة تحفّظا كبيرا حيال إبقاء الجزائر للقرض الاستهلاكي (الربوي) خصّيصا للسلع الوطنية، وهو ما اعتبرته نوعا من الدعم للمؤسسات والسلع الجزائرية مقابل الإنتاج الأجنبي، ما يتعارض وأولى مبادئ المنظمة المتعلّقة بالمنافسة الحرّة وتحرير القطاع التجاري. وحسب العديد من الخبراء الاقتصاديين فإن هذا الموقف يضع الحكومة أمام حتمية توسيعه ليشمل الإنتاج الأجنبي، خاصّة في ظلّ الضعف الكبير للإنتاج المحلّي صناعيا إلى غاية إنشاء قاعدة صناعية قوية. حذار التطبيع الاقتصادي مع الكيان الصهيوني! بالرغم من أن انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية لن يجبرها على التعامل مع الكيان الصهيوني أو مع أيّ بلد لا ترغب في التعامل معه، وفقا للمادة 13 من اتّفاقية مراكش لإنشاء المنظمة، والتي تنصّ على الموافقة على استثناء بعض الأعضاء من تطبيق اتّفاقيات تجارية متعدّدة الأطراف بين أعضاء معنيين في حالات خاصّة بناء على طلب أيّ عضو، إلاّ أن فرضية التطبيع غير المباشر تبقى واردة لدى العديد من المختصّين بالنظر إلى قوة تأثير الكيان الصهيوني ومن خلفه الولايات المتّحدة الأمريكية على قرارات هذه الهيئة الدولية، وهو ما يبقي فرضية تسريب بضائع إسرائيلية إلى السوق الوطنية جدّ واردة -حسبما أوضحه الخبير الإقتصادي الدكتور فارس مسدور- في حوار سابق مع (أخبار اليوم)، حيث أن (OMC) تمنع التمييز بين القطاع الوطني والأجنبي، وهذا التوجّه بالنسبة للجزائر مضاد للمصلحة الوطنية وتاريخها الطويل في نصرة القضية الفلسطينية. الحكومة تدافع عن OMC تدافع الحكومة بشراسة عن مساعي الجزائر للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، حيث تؤكّد تصريحات الطاقم الحكومي أن هذا القرار (لا رجعة فيه) لأنه قرار مدروس بعناية ويأخذ كلّ الاحتمالات على سبيل الاعتبار. ونجد على رأس المدافعين عن المسعى وزير التجارة (العلماني) عمارة بن يونس الذي لا يفوّت أي فرصة كانت إلا وينتقد بعض الخبراء والسياسيين الذين يعارضون كلّ المنظمات الدولية، على غرار صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، وقال في تصريحات سابقة: (إننا نستورد كلّ شيء وهذا أمر سلبي، فلماذا نتحدّث عن الانضمام إلى هذه المنظمة على أنه شيء سلبي؟). وتساءل بن يونس عن الضجّة الكبيرة المثارة حول هذا الملف، في إشارة إلى بعض الخبراء والسياسيين الذين انتقدوا عدّة مرّات قرار انضمام الجزائر إلى المنظمة، وبرّر هذا القرار بأنه سيسمح للجزائر بإعادة تأهيل اقتصادها الوطني وإضفاء شفافية أكثر على المعاملات التجارية الدولية وعلى الاقتصاد الوطني.