هذه القصيدة قالها الشافعي عند موته وذكرها الإمام الذهب في سير أعلام النبلاء في ترجمة الإمام الشافعي وقال هذه القصة ثابتة عن الإمام الشافعي. وعندما تقرأ هذه القصيدة تتعجب من تواضع الإمام واحتقاره لنفسه وافتقاره إلى ربه سبحانه وتعالى وهذا هو شأن العلماء الذين عرفوا الله وتواضعوا بين يديه. يروى عن الموزني قال (دخلت على الشافعي رحمه الله في علته التي مات فيها فقلت له: كيف أصبحت ؟ فقال: أصبحت من الدنيا راحلا وللإخوان مفارقا ولكأس المنية شاربا ولسوء عملي ملاقيا وعلى الله واردا فلا أدري أروحي تصير إلى جنة فأهنيها أم إلى النار فأعزيها) ثم بكى رحمه الله وأنسأ يقول: ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما تجود وتعفو منة وتكرما. فلو لاك لم يصمد لإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدما فيا ليت شعري هل أصير لجنة أهنا ؟ و أما للسعير فأندما فلله درّ العارف الندب أنه تفيض لفرط الوجد أجفانه دما وإن تعف عني تعف عن متمرد ظلوم غشوم قاسي القلب مجرما يقيم إذا ما الليل مد ظلامه ويذكر أياما مضت من شبابه وما كان فيها بالجهالة أجرما يقيمم إذا ما الليل مد ظلامه على نفسه من شدة الخوف مأتما فصيحا إذا ما كان في ذكر ربّه وفيما سواه في الورى كان أعجما يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي كفى بك للراجين سؤلا ومغنما ألست الذي عديتني وهديتني ولا زلت منّانا عليّ ومنعما عسى من له الإحسان يغفر زلتي ويستر أوزاري وما قد تقدما - ويذكر أياما مضت من شبابه- هذا الإمام الشافعي رجع إلى ذكرياته وشبابه وقال عن نفسه - وما كان فيها بالجهالة أجرما- سبحان الله أي جهالة وقد قضى حياته لطلب العلم والعمل به ولكنه التواضع. وبعد ذلك وبعد التذكر لشبابه النتيجة عبادة وبكاء وخشوع بين يدي الله عز و جل - يقيم إذا ما الليل مد ظلامه على نفسه من شدة الخوف مأتما...- أين نحن من هؤلاء ...أتمنى أن نراجع أنفسنا مراجعة دقيقة بعد قراءة هذه القصيدة ونعود إلى أنفسنا وقفة صادقة ونحاسبها محاسبة لعل النفس تعود ولعل العين أن تدمع ولعل القلب أن يخشع..... رحم الله إمامنا وشيخنا