أزمة الرهائن تكشف عن واقع مرعب يهدد المغرب العربي - في ظل المأزق الذي تعانيه الدبلوماسية التونسية في تعاطيها مع الملف الليبي الذي ينعكس مباشرة على أمن البلاد، وعمليات الخطف المتتالية للتونسيين في البلد المجاور، تم تحرير 60 تونسياً محتجزاً في ليبيا من قبل مسلّحين، بعد خمسة أيام من عملية الخطف. ق.د/وكالات أعلنت وزارة الخارجية التونسية أمس الجمعة أن 102 تونسي كانوا مُحتجزين لدى مقاتلي جماعة فجر ليبيا المسلحة أطلق سراحهم في العاصمة الليبية، مضيفة أن عددا غير محدد من رعاياها لا يزال محتجزا. وأفادت مصادر في المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية أن مئة شخص وشخصين أطلق سراحهم. لا يزال هناك تونسيون (محتجزون). ليس لدينا عدد محدد لكن السلطات بدأت إطلاق سراحهم على دفعات. وتابع المصدر نفسه أن مجموعتين من ستين واربعين شخصا تم إطلاق سراحهم. وكان محمد عبد السلام القويري مدير مكتب الإعلام في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية قال في وقت سابق أن (جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية قام بجهود فردية من أجل العمل على إطلاق سراح هؤلاء)، رافضا تحديد الجهة التي أوقفتهم أو عددهم الكلي أو الأسباب وراء توقيفهم. وكان وزير الشؤون الخارجية الطيب البكوش قد ذكر في حوار تلفزيوني أنه تلقى وعودا بإطلاق سراح التونسيين المحتجزين في ليبيا، وأنه يأمل الإفراج عن باقي المحتجزين. ولأول مرة في تاريخ العلاقات التونسية الليبية يتم حجز هذا العدد الكبير من التونسيين داخل التراب الليبي، وتحديداً في منطقتي بوسليم وصلاح الدين. ومنذ أن تمت عملية الاحتجاز والأوساط السياسية التونسية في حالة أخذ ورد. الرمال الليبية المتحركة ومما لا شك فيه أن عملية خطف التونسيين، وضعت الدبلوماسية التونسية في مأزق كبير، وأثارت جدلاً حول أدائها، فيما اتهمها البعض بالفشل والعجز، قبيل تحرير الرهائن. وحكومة الحبيب الصيد مهددة عملياً بالانغماس في الرمال الليبية المتحركة. وهي تعاني اليوم من صعوبات حقيقية مع مختلف الأطراف المتنازعة على السلطة في ليبيا، وتعيش مواجهة مسلّحة مفتوحة مع كل من تنظيمي (الدولة الإسلامية) (داعش) و(أنصار الشريعة)، اللذين يناصبان العداء للنظام التونسي ويتحالفان مع مختلف التنظيمات المسلّحة الإرهابية في المنطقة من أجل زعزعة استقرار السلطة في تونس. ورغم انتقال قاضي التحقيق التونسي إلى طبرق، فإن الخارجية التونسية لم تتأكد حتى الساعة من صحة المعلومات حول تصفية الصحفي سفيان الشورابي والمصور نذير الكتاري، وذلك نظرا لتضارب الروايات وعدم وجود الدليل المؤكد والموثق للجزم بقتلهما. في المقابل، اتسمت علاقات حكومة عبد الله الثني بالسلطات التونسية بعدم الاستقرار، يسودها التقلب وعدم الثقة. ويعود ذلك إلى حرص الجهات التونسية على تحقيق التوازن بين طرابلس وطبرق حفاظا على مصالح التونسيين، أخذاً بعين الاعتبار اختلال موازين القوى على الأرض. وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى تصريحات وزير إعلام حكومة طبرق عمر القويري الذي انتقد فيها بشدة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وهدده بقوله (سوف يشتعل ويحرق ويكون رماداً)، مضيفاً أن (أرض ليبيا نار سوف تحرق كل عابث بها أو متكلم عنها بسوء). وبلغ به الأمر إلى حد مطالبة السعودية ومصر والإمارات ب(التدخل لإعادة البوصلة بشكل صحيح في تونس)، وهي التصريحات التي تبرأت منها حكومة الثني. ورغم التحول الذي طرأ على الموقف الرسمي التونسي تجاه ما يعرف بقوات (فجر ليبيا)، وهو الموقف الذي ولّد ردود فعل سلبية من قبل حكومة طبرق، فإن أطرافاً من داخل هذا التحالف المتحكم في العاصمة طرابلس وغيرها من المناطق المجاورة لتونس لم تقدر ذلك، وهو ما جعل إحدى كتائبها تلجأ أخيراً إلى ابتزاز السلطة التونسية بسبب إيقاف وليد القليب الليبي الجنسية، وإحالته على القضاء في تونس بتهمة لها علاقة بقانون الإرهاب. ووليد هو شقيق مصطفى القليب الذي كان المسؤول عن إحدى الكتائب المنضوية في ائتلاف (فجر ليبيا). ونتيجة هذا الإيقاف، جاء رد فعل هذه الكتيبة التي قامت باحتجاز العشرات إن لم يكن المئات من العمال التونسيين. تخوف من الانتقام وقد جعلت عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على كسب ثقة الأطراف الليبية المتصارعة الدبلوماسية التونسية ضعيفة في الصراع الليبي الليبي، ولم تتمكن إلى الآن من بناء علاقات قوية تسمح لها بالتأثير وبناء جسور حقيقية مع أبرز القوى المؤثرة في ليبيا. وإذ يجري تداول معلومات حول قرار أميركي للضغط على جميع الأطراف من أجل التوصل إلى حل سياسي قبل شهر أكتوبر المقبل، وهو ما تؤكده وتسوّق له مصادر ليبية، غير أن المشهد الليبي الراهن كثير التعقيد، وهو ما جعل الماسكين بالدبلوماسية التونسية في حالة شلل، غير قادرين على مسك العصا من الوسط، ولا يملكون أوراق ضغط قوية يمكن أن يستعملوها دون الاضطرار لتقديم تنازلات مؤلمة. وفي ظل هذا المأزق للدبلوماسية التونسية، تؤكد مصادر مطلعة، أن العائلات الليبية المقيمة في تونس أصبحت مسكونة بالخوف من احتمال التعرض لسلوك انتقامي من قبل بعض التونسيين. وهذه العائلات تخشى من أن تجد نفسها ورقة بيد الفصائل المسلحة المتصارعة داخل ليبيا، تستعملها للضغط على السلطات التونسية. لكن المؤكد أن أصحاب القرار السياسي التونسي وباقي القوى السياسية والجمعية ضد المساس بالليبيين المقيمين حاليا على الأراضي التونسية، ولا توجد أي نية أو رغبة في إقحامهم في سوق المزايدات السياسية. "بعيرة" يندد بدأ عضوا فريق الحوار عن مجلس النواب الليبي أبوبكر بعيرة وإمحمد شعيب، زيارة للعاصمة التونسية، للقاء المبعوث الأممي إلي ليبيا برناردينو ليون. وأضاف أن الزيارة ستتطرق للعلاقات الليبية التونسية على خلفية بعض التصريحات السلبية الأخيرة المتبادلة، لافتًا إلى أن الجالية الليبية في تونس تصل لمليون شخص، وهو ما يتطلب تخطي بعض الظواهر السلبية التي تعكر صفو العلاقات بين البلدين. وتابع بعيرة: (لا نريد للعلاقات الليبية التونسية أن تدخل منزلقًا خطيرًا، لأن ذلك ليس في صالح الشعبين). داعيًا كافة الأطراف إلى النظر بعمق وتعقل، تجاه أي توتر في العلاقة سيصيب الشعبين في مقتل، بحسب قوله. ومن جانبه، قال الدكتور إمحمد شعيب إن الحوار الليبي دخل مرحلة متقدمة جدًا، بعد الوثيقة الثالثة التي وصفها ب'الجيدة جدًا'، مشيرًا إلي أهمية أن يدرك الليبيون أن عواقب فشل الحوار وخيمة علي الجميع. وأشاد شعيب بالمبادرات الإيجابية التي تقودها أطراف اجتماعية في مناطق ليبيا، والتي تدعو إلى التصالح ونبذ العنف، والبعد عن الاقتتال وعدم الاحتكام إلي السلاح، لافتًا إلى أن الحل الأمثل لتلك الخلافات هو الجلوس على طاولة حوار واحدة. وأضاف أنهما سيلتقيان المبعوث الأممي برناردينو ليون لتسلم الوثيقة الرابعة للحوار من أجل مناقشتها مبدئيًا، والتعرف على محتواها قبل مناقشتها مع مجلس النواب. وبشأن الحكومة التوافقية وطرح أي أسماء نفي شعيب اعتماد أي أسماء بصفة رسمية للحكومة التوافقية حتى الآن. أوباما يمنح تونس صفة الحليف الأساسي التقى الرئيس الباجي قايد السبسي أمس بواشنطن بالرئيس باراك أوباما بالبيت الأبيض في واشنطن، ودار اللقاء في جو ودي. وأعلن أوباما عن اعتزامه منح تونس صفة الحليف الأساسي الوحيد من خارج بلدان الحلف الأطلسي على أن يصادق الكونغرس على هذا القرار قريبا. هذا الموقع الجديد سيتيح لتونس الحصول على دعم قوي في كل القطاعات وبدرجة أولى في الميدان العسكري والأمني والتمتع بآخر التكنولوجيات في عالم الأسلحة والاستخبارات. وأعلن أوباما أن الولاياتالمتحدة ستقدم لتونس مساعدات اقتصادية مهمة وبمواصلة التعاون في مجال التعليم العالي إذ سيتم الترفيع في عدد المنح المقدمة للطلبة التونسيين الراغبين في الدراسة بالجامعات الأمريكية. وقال أوباما إن الولاياتالمتحدة تثق بقوة في تونس ومستقبلها.