أديت صلاة الجمعة في المسجد النبوي الشريف بتاريخ 20 / 11 / 1436ه وكان موضوعها أحكام الحج ألقاها عبد الباري العوض وبعد الترغيب في الحج وذكر فضائله والأعمال التي يقوم بها الحاج كالإحرام الطواف والسعي والوقوف بعرفة ركز في خطبته الثانية موضوع الترخيص للحج. وقال إن الحج بدون ترخيص ليس طاعة وإنما عصيان الله ورسوله لأن طاعة أولي الأمر هي طاعة للّه. واستدل بقول الله تعالى {يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}. والطاعة لا تكون بمعصية الله. واقتضت السياسة الشرعية تحقيق مصالح الناس وما يشرعه ولي المسلمين فهو الشرع وهو ما يعرف عند الأصوليين بالمصالح المرسلة.. وأن الغاية لا تبرر الوسيلة بالاحتلال والغش وبالتصريحات الكاذبة والنبي {صلى الله عليه وسلم} يقول: (من غشّنا فليس منا) ومن سلك مسلك المهربين والخائنين والخارجين عن التنظيم وقد يعرض نفسه للخطر (ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة ومن يساعدهم في الدخول لمكة بطرق ملتوية عن طريق الجبال والوهاد فما أخذه من مال فحرام كأموال التهريب والمخدرات. وعندما يصل إلى البقاع المقدسة يأخذ حق غيره في كل شيء في الماء وفي المكان لأن الحاج دفع تكاليف الإقامة وأنت أخذت ما ليس لك كمن يصلي فوق أرض مغصوبة في منى في عرفات ويسبب في شدة الزحام لأنه دخل في عدد زائد ليس مدروسا وقد يصل هؤلاء إلى الآلاف وهو رقم يدخل في المعادلة بدون دفع تكاليف.. وعليه فإنه لا يجوز ولا يصح بل عصى الله ورسوله).. إلى هنا ما قاله شيئا جميلا لأن الإسلام ينظم حياة المسلمين ويحقق مصالحهم في مناحي حياتهم التعبدية والعملية يعني جلب المصالح ودفع المضار ولكن بعدما جلست جلسة علمية في المسجد النبوي سأل سائل وهو حاج من الجزائر قائلا: يا شيخ نحن في الجزائر نجد صعوبة كبيرة في التمكن من أداء الحج ضمن الإطار المنظم مما يضطرنا إلى المجيء للحج بطرق ملتوية وبدون إذن السلطات الجزائرية عن طريق دول الخليج أو عن تركيا أو الدول الأوروبية فكانت إجابته بالقبول بل أضاف أن هذه المشقة والتعب تحسب لك في ميزان الحسنات وأنك استجبت لنداء ابراهيم {يأتين من كل فج عميق}.. أما بخصوص (بدون إذن) فأنت جئت للطاعة ومن منعك يدخل في قوله تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه}.. ولا يجب طاعة أولي الأمر لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وهنا عرفت بأن الفقه عندهم نظام وفقههم عندنا معارضة وهنا عرفت أن كل ما يأتي من الدولة من مشاريع لإدماج الشباب وفتح مناصب عمل وأمل للحياة إلا وجدنا فقهنا المعارض بفتاوى جاهزة لا تحتاج الى عناء بحيث تٌوصل سائلها الى جهنم وبئس المصير.. هذه ربا والربا حرام والقراء حق يعني الآية واضحة الدلالة بيّنة الحكم لا تحتاج إلى إمام.. إذن أوصلنا مجتمعنا بأن الفقه عندنا لا يمكن أن يستجيب لمتطلباتنا الحياتية وليس لدينا البديل فبكوننا نتعامل بالربا والمنظومة المالية العالمية تتعامل بالربا فالذي يحرم القرض الاستهلاكي للأسباب السالفة الذكر لماذا لا يحرّم القمح والفرينة والمواد الغذائية الأخرى التي تأتي من دول تطبق المقاييس الربوية العالمية؟ بل أن بعضهم جعل حافلات وسيارات تشغيل الشباب التي سرقت أو وقع لها حادث مرور هو بسبب الربا أو الحرب التي شنها الله عليهم ولا حول ولا قوة إلا بالله ويدعون إلى حرمة إدخال الأموال إلى البنوك لأنها ستصبح حراما.. هل يمكن لرجل الدين أن يضع حلا وبديلا للنظام العالمي البنكي ثم ألا يوجد عالم آخر يقول بالجواز وأن الأوراق النقدية لا ينطبق عليها ربا الفضل أو ربا النسيئة مادام أنتم ناقلين للفتوى واعلموا بأنه أجاز العلماء التعامل مع البنوك في ميادين مختلفة مطلقا وأجازها بعضهم بالضرورة وأجازها آخرون بأن الحاكم هو من يأخذ الذنب وعليه فإنه يجوز القرض الاستهلاكي مادام المقترض محتاجا قبل أن نصل إلى المدينة الفاضلة ماذا نفعل ارتكاب أخف الضررين يعني مثلا نضع أموالنا في البنوك أم نجعلها في السوق الموازية لخدمة المهربين وتجار الكوكايين والدواعش وأيهما أختار.. هذه المسائل يجب السكوت عنها والكلام عنها يكون ضمن رجال الاختصاص وأولي الأمر.. وأًختم كلامي بقولي لأهل العلم: هل سمعتم يوما حكما لمن أخذ مالا للاستثمار أو لتشغيل الشباب أو القرض الحسن وهو في ذمته ما حكمه أمام الله تعالى لأنه قد أخذ المال العام؟.. قد تقولون أخذ حقه من البترول لا يعيده لأن ذلك يخدم النظام ويُقويه.. ومن هنا عرفت أن فقههم نظام وفقههم عندنا معارضة.. مراسلة من المدينةالمنورة: بقلم الشيخ جلول قسول/ إمام مسجد القدس بحيدرة في الجزائر العاصمة