ديمة طارق طهبوب ليس بزمن بعيد عندما كنا نسمع أن الصرخة في فلسطين كان يُسمع صداها في الأردن وليس بزمن بعيد عندما ردد الجزائريون: (مع فلسطين غالبة أو مغلوبة) غير أن القياس الحقيقي للدعم والسند لا يكون في زمن اشتعال القضايا الأول والتفاف الناس حولها فتلك العربة يركبها حتى تجار الأوطان وإنما اختبار صدق المواقف عندما يتخاذل الجميع ويتطاول الزمن وتكثر التضحيات ويبقي الوحيد مستمسكا بالحق كالطود الشامخ. كنا نتخيل أنه بالرغم من اختلافاتنا الكبيرة على الوطن والمقاومة وحسابات السياسة إلا أن المقدسات فوق البيع والشراء السياسي وفوق حسابات التنازل والتصفية وأن شعار خذوا كل شيء وابقوا لنا الوطن ينطبق أكثر ما ينطبق على الأقصى! أما وقد غسلنا أيادينا من السياسة والسياسيين فليس جمهور الأمة بأقل في الخطيئة عندما يكون خبر اقتحام الأقصى وإحراقه عام 2015 لا يستثير منا سوى خبر وصورة نبثها هنا أو هناك كديدن اعتدناه في كل أخبارنا نرفع به عن نفسنا لأئمة التواطؤ والسبات التام وكأن المخططين والشياطين من بني صهيون وحلفائهم يأبهون لشراذم تتناقل صورة هنا أو هناك غير مشفوعة بعمل على الأرض تحاول أن توازي به أفضليتهم وتحكمهم بالأرض. تعيدنا الويكبيديا وهي موسوعة عجماء لا تشاطرنا بالتأكيد المشاعر إلى أجواء تبين البون الشاسع في ردود فعل الأمة وتحركات العدو وتصاعدها من اعتداءات فردية في حينها إلى ما أصبح الآن عقيدة جماعية وجاء في وصف حدث إحراق المسجد عام 69 (أحدثت هذه الجريمة المدبرة من قبل مايكل روهن فوضى في العالم وفجرت ثورة غاضبة خاصة في أرجاء العالم الإسلامي في اليوم التالي للحريق أدى آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى وعمت المظاهرات القدس بعد ذلك احتجاجاً على الحريق وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب. كان لهذا العمل الذي مسّ مقدسا هو ثالث المسجدين ردة فعل كبيرة في العالم الإسلامي وقامت المظاهرات في كل مكان وكالعادة شجب القادة العرب هذه الفعلة وكان من تداعيات هذه الجريمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية وكان الملك فيصل بن عبد العزيز هو صاحب فكرة الإنشاء). في هذا الإحراق لم يصح أحد سوى روح قريرة هي روح غولدامائير وهي تهزأ من العرب مرارا وتكرارا وتصدق نبوءتها بأننا أمة نائمة لا يحركنا زلزال كحرق المسجد ولا أعظم من ذلك إلا استهداف الحرمين. ليس هناك فعل ولا إرادة للفعل على مستوى السياسة بل هو ضلوع واضح في مخطط التقسيم وأقل المشتركين في الجريمة هم الصامتون ولكن منذ متى كانت القضايا الكبرى تنصر فقط بالقادة فقط أو بالأقوياء فحسب؟! ألم يقف النحيف نصف العاري غاندي في وجه التاج البريطاني وامبراطورية لا تغيب عنها الشمس؟! ألم يُخرج الياسين القعيد المشلول على كرسيه الجيش الذي لا يقهر من غزة؟! الفرق أن هؤلاء لم تكن بلادهم تشكل خبرا يرتشفونه مع فنجان قهوة فتسد نفوسهم فيحجمون عن وجبة طعام هؤلاء كانوا الوطن متجسدا على هيئة بشر حتى بلغوا فيه الفناء التام ليحيا. في الغرب هناك منظمات باسم (استأجر جمهورا) تعمل على تأجير القضايا والسياسيين عددا كبيرا من الناس ليظهروا أمام الإعلام وهم يساندون شخصا أو قضية وبالرغم أن الأمر لا يعدو التمثيل إلا أن لهؤلاء تأثير حقيقي في تفاعل الإعلام وإقباله ونشر الشخوص والقضايا والتأثير على استطلاعات الرأي وبالمحصلة إدراك الفوز! فهل وصلنا لمرحلة نقول فيها استأجروا جمهورا لنصرة الأقصى فالموجودون قد تُودع منهم؟! حراب المرابطين منصوبة بأجسادهم العزلاء إلا من إيمانهم ولكن كنانة السهام التي تحمي ظهورهم فارغة إلا من قلة والله سيصدق وعده فيهم بنصر القلة. لا تنتظر أحدا ليتحرك واعتبر نفسك وحدك في الميدان ففي يوم ستسأل عن قليلك أو كثيرك في جنب الأقصى الذي أحرق وأنت حي لم تحرك ساكنا!!!