إن الاستغفار ينبغي أن يكون بنية صادقة والإخلاص لله تعالى وأن يتوافق القلب مع اللسان في طلب المغفرة فعلى المسلم وهو يستغفر بلسانه أن يحرص على حضور قلبه فأفضل الذكر والاستغفار ما واطء فيه القلب اللسان. وعلامة ذلك أن ينكسر العبد ويتضرع ويخضع ويطلب المغفرة من الله بصدق وبتذلل وانكسار مع الشعور بالخضوع والافتقار ويظهر الندم والتوبة بعيون دامعة وقلوب خاشعة ونفوس إلى رحمة ربها وصفحه وفضله طامعة إضافة للشرط العام في قبول العمل وهو صحة النية والإخلاص لله تعالى ويستحب أن يكون الاستغفار متواصلًا بالليل والنهار وبالأخص في الأسحار وهو الوقت الذي مدح الله تعالى فيه عباده المتقين كما في قوله تعالى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْر مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {3/16} الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) آل عمران:17. وجاء المدح أيضا للمستغفرين في سورة الذاريات: (إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّات وَعُيُون {51/15} آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ {51/16} كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ {51/17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ). حسن اختيار الوقت: فأفضل الأوقات لمغفرة الذنوب واستجابة الدعاء وحل المشكلات: وقت السحر قبل الفجر حينما ينزل الكريم الجبار بعظمته وعزته ورحمته إلى السماء الدنيا وينادي عباده بنداء لطيف: لنيل الغفران ومحو الزلات وقضاء الحاجات فعَنْ أَبِي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَة إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) (متفق عليه). ويستحب عند طلب المغفرة أن يكون الإنسان على طهارة: قال علي رضي الله عنه: كنتُ رجلًا إذا سمعتُ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حديثًا نفعني اللهُ منه بما شاء أن ينفعَني وإذا حدَّثني أحدٌ من أصحابِه استحلفتُه فإذا حلف لي صدَّقتُه. قال: وحدَّثني أبو بكر وصدق أبو بكر رضيَ اللهُ عنهُ أنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول: (ما من عبد يذنبُ ذنبًا فيحسنُ الطُّهورَ ثم يقومُ فيصلِّي ركعتَينِ ثم يستغفرُ اللهَ إلا غفر اللهُ له ثم قرأ هذه الآية: (واَلَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: 135]) (رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني).