في الوقت الذي بدا فيه الهدوء يعود تدريجيا إلى عدد من الأحياء والمناطق التي شهدت أحداثا عنيفة على خلفية الاحتجاجات التي عرفتها معظم ولايات الوطن وعلى رأسها العاصمة، بسبب ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية، فان حركة المواطنين وبصفة خاصة من الجنس اللطيف، لا زالت تبدو محتشمة وقليلة مقارنة عما كانت عليه قبل اندلاع الاحتجاجات، خاصة على مستوى الأسواق الشعبية، والمساحات التجارية الكبرى، فضلا عن الشوارع ووسائل النقل العمومية و الخاصة، اللهم إلا ما تعلق بفئة الموظفات أو الطالبات، أو غيرهن ممن حتمت عليهن الظروف الخروج لقضاء مختلف مصالحهن، كما بدت الحركة بالطرقات خلال اليومين الأخيرين، هادئة على غير العادة، فيما تحاشى البعض التوجه إلى بعض المناطق التي شهدت أعمال شغب عنيفة، كباش جراح والحراش، وبراقي، وباب الواد، خوفا من إمكانية حدوث انزلاقات أخرى، يمكن أن تنتهي بهم إلى عواقب وخيمة. ولازال الكثير من المواطنين، على وقع الصدمة إن صح التعبير، حيث لا زالت الأحداث الأخيرة وأعمال الشعب والعنف والتخريب التي طالت الكثير من الممتلكات العمومية والخاصة محور أحاديث الناس، وسط استياء اسع وتنديد بالمسار الذي انحرفت إليه الاحتجاجات حول ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية، والطريقة التي تم التعامل بها مع هذه الوضعية، واستنكر الكثيرون أعمال التخريب والشغب، والفوضى التي لازالت تلقي بظلالها على الجميع، ما دفع بالكثيرين والكثيرات تحديدا إلى التزام بيوتهم،و تفادي الخروج إلا للضرورة القصوى، ما جعل كثيرا من المرافق التي تعرف إقبالا نسويا مكثفا كل يوم، بمناسبة وبدون مناسبة، من طرف كافة الشرائح النسوية، العاملة والماكثة بالبيت وغيرهن، هادئة نسبيا، على خلاف العادة، وعلى رأسها بعض الأسواق الشهيرة جدا بالعاصمة كمارشي 12 ببلكور وسوق باش جراح، وساحة الشهداء، بما أن الأسواق الثلاثة، كانت أكثر الأسواق التي تشهد إنزالا أنثويا مكثفا كل يوم تقريبا، حيث تخوفت الكثيرات ممن تحدثنا إليهن، من إمكانية تجدد المواجهات ما قد يوقعهن في مواقف لا يُحسدن عليها، لاسيما في ظل نقص وسائل النقل، إضافة إلى أن بعضهن تلقين تعليمات صارمة بالمكوث في البيت من طرف أزواجهن، إلى غاية هدوء الأوضاع نهائيا، والاطمئنان لعودة الهدوء كما كان عليه في السابق، حتى وان تطلب الأمر أياما أو أسابيع. وقابل هذا العزوف النسوي على الأسواق وبقية المرافق عموما، عزوف بعض المحلات عن النشاط إلى غاية عودة الأمور إلى نصابها ومجراها الطبيعي، وكانت محلات المجوهرات والأواني الالكترونية، والكهرومنزلية، إضافة إلى محلات، الأفرشة والمساحات التجارية الكبرى، على رأس القائمة، هذا فيما لازالت الأحياء التي شهدت هذه المواجهات، تلملم بقايا ومخلفات تلك الأعمال الاحتجاجية العنيفة، يظهر ذلك من خلال أكوام الأتربة، وبقايا النيران المشتعلة على الطرقات، وواجهات الكثير من المحلات والمرافق المكسورة والمحطمة. وينتظر الكثيرون انفراج الأزمة نهائيا، وتحكم السلطات المعنية في زمام الأمور مع نهائية هذا الأسبوع، فيما يبقى الاستياء والأسف سيدي الموقف لدى الكثير من المواطنين، الذين لا زالوا يستنكرون بشدة، الأعمال التخريبية العنيفة التي طالت الممتلكات العمومية والخاصة، حتى وان كانت الأسباب والدوافع نابعة من عمق مشكلة مست كافة الجزائريين دون استثناء، إذ يبدو أن الجزائريين لم يتوقعوا مطلقا أن يرجع بهم الزمن بعض عشرين سنة إلى الوراء، ليعودوا ويعايشوا نفس مظاهر الدمار والعنف والتخريب، والمواجهات العنيفة مع قوات الأمن، بعد أن عرفوا الهدوء والأمن والاستقرار.