تحت مبرر الغاية في الشهادة ** مع نهاية كل موسم دراسي يتجدد النقاش حول ظاهرة الغش التي باتت تؤرق مضاجع الجميع من مسؤولين وإداريين ورجال أمن وأساتذة وأسر جزائرية ومن بين القضايا التي انتفض ضدها الفاعلون التربويون هاته السنة مسألة الأولياء الذين يعينون أبناءهم على الغش في الإمتحانات أين يتخذ هؤلاء من الشهادة غاية عليا تسقط معها كل القيّم الأخلاقية والدينية التي يفترض أن يزرعوها في فلذات أكبادهم. وجّه فاعلون في قطاع التربية انتقادات لآباء وأمهات التلاميذ الذين يساعدون أبناءهم التلاميذ على إنفاق أموال على تقنيات جديدة للغش في الامتحانات تحت مبرر الغاية في الشهادة . واستند هؤلاء إلى تجارب سابقة لهم على مستوى مراكز الإمتحانات أين كشفوا عن تورط وتواطؤ أولياء مع أبنائهم في ممارسة الغش عن طريق التواصل فيما بينهم بأجهزة متطورة تتمثل في شرائح جدُ صغيرة توضع في عمق الأذن بحيث لا تظهر للعيان وبالتالي يمكن لحاملها التواصل مع عالمه الخارجي دون أن يتحدث أو يتلفظ بكلمة ودون أن يتفطن له أحد. وعليه طالب بعض الناشطين في المجال عبر الإنترنت مصالح الوزيرة نورية بن غبريط بضرورة سلوك طريق التوعية القبلية حيال مخاطر الغش في الامتحانات مع إظهار عواقبه إلى التلاميذ أولا وإلى الأساتذة والأطر التربوية ودون إغفال الآباء والأمهات الذين أصبح بعضهم محط تساءل لأنهم ينفقون أموالا لمساعدة أبنائهم على الغش . وتتجه الأنظار في قادم أيام شهر ماي 2016 إلى مراكز الامتحانات والأيدي على القلوب لما صرنا نسمع عنه من تعدد حالات الغش باستعمال التكنولوجيا الحديثة التي باتت تلعب أدوارا حاسمة في صراع افتكاك الشهادة. ولم يعد بمقدور المراقبين مواكبة المستجدات في الاضطلاع بمهامهم أمام تحول تقنيات الغش من الأساليب العتيقة المتمثلة في نسخ الدروس وعناصر الإجابة المحتملة بشكل مصغر إلى أخرى حديثة ومتناهية الدقة تعتمد في مجملها على الهواتف الذكية ووسائل اتصال متطورة. وفي السياق كثّفت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط من خرجاتها الإعلامية للتصدي لظاهرة الغش في الامتحانات معترفة بتسجيل تطور في الظاهرة وطنيا خلال السنوات الأخيرة وسط تزايد حالات ضبط التلاميذ الغشاشين باستخدام التكنولوجيات الحديثة. وتوعدت بن غبريط ب إجراءات غير مسبوقة ومشددة ضد الغشاشين في امتحانات نهاية العام الدراسي في كل المستويات خاصة امتحانات البكالوريا للحيلولة دون وصول تلاميذ غشاشين إلى جامعات وكليات لا يستحقون الالتحاق بها . لكن مصالح وزارة التربية التي ركزت جهودها على ردع غشاشي 3جي بالتنسيق مع مصالح وزارة البريد وتكنولوجيات الإتصال ومصالح الأمن تناست حسب مراقبين أصل العملية المتمثل في إعانة الأولياء لأبناءهم على اقتناء هذه الوسائط التكنولوجية الباهظة الثمن من أجل تحقيق الأهداف المرجوة ولو بطرق منافية لأخلاقيات النزاهة والكفاءة. هذا ويعد الغش من بين أخطر مظاهر الانحراف باعتباره سلوكا منافيا لقيم الأخلاق والنزاهة والكفاءة حسب ما يتفق عليه اجتماعيون وأكاديميون حيث يعتبر من الناحية التربوية تصرفا طائشا يقوض أهم أركان العملية التعليمية ألا وهو ركن التقويم التربوي الموضوعي لأنه يخل بمبدأ تكافؤ الفرص ويحول دون تحقيق الأهداف المرجوة من النظام التعليمي ولا تنحصر عواقبه في ما يتعرض إليه الغاش ة من عقوبات زجرية بل تتعداها إلى ما هو أعمق عندما يتحول إلى ممارسات اعتيادية و مرضية تمس بالمعايير الاجتماعية وتنعكس أضراره ليس فقط على الحياة المدرسية بل على المجتمع ككل.