القرارات التاريخية التي تمخّض عنها مجلس الوزراء المنعقد يوم الخميس تؤكّد مرّة أخرى أن الوضع في بلادنا يختلف تماما عن أوضاع بلدان أخرى تعيش غضبا شعبيا متزايدا في الآونة الأخيرة، وتثبت أن رئيس الجمهورية يمتلك من الحكمة والحنكة ما يؤهّله ليتجاوز بالبلاد أكثر المراحل خطورة وحساسية، وليتعامل مع مخطّطات العبث و"التخلاط" ومؤامرات "الخلاّطين" بالرزانة المطلوبة التي تنفع البلاد والعباد· في بلدان أخرى، انتظر أولو الأمر والنّهي إلى غاية انطلاق ثورات شعبية لها مبرّراتها ليتحرّكوا، وليتهم لم يتحرّكوا، حيث جاءت تحرّكاتهم في الاتجاه المعاكس للتيّار الشعبي، والنتيجة ماثلة أمامنا في النموذجين التونسي والمصري· وفي الجزائر التي يلمس مواطنوها تحسّنا كبيرا في مختلف جوانب حياتهم، رغم تنامي ظاهرة الفساد وبيروقراطية السلطات المحلّية، لم يكن غريبا أن لا يبالي الشباب ببعض دعوات "الخلاّطين" الرّامية إلى تحقيق أهداف سياسية مشبوهة باستغلال بعض مشاكل الشباب التي لم ينكرها رئيس الجمهورية، مؤكّدا حرص الدولة على التقليل منها وحلها بصفة تدريجية· وحين يأمر رئيس الجمهورية بالشروع في بحث آليات رفع حالة الطوارئ من دون الإخلال باستراتيجية مكافحة الإرهاب، ويأمر بفتح وسائل الإعلام العمومية في وجه كلّ الجزائريين، ويأمر بتوزيع كلّ السكنات الجاهزة، ويأمر بتفعيل آليات الحدّ من البطالة وميكانيزمات تشغيل الشباب، ويأمر بالضرب على أيدي الفاسدين والمفسدين، وبوقف غول البيروقراطية، فإنه بذلك ينزع كلّ أدوات "التخلاط" من أيدي "الخلاّطين" ويُفشل جميع مخطّطاتهم التي ترفع أحيانا مطالب مشروعة لتحقيق أهداف غير مشروعة· وعندما يترحّم الرئيس على أرواح ضحايا أحداث الشغب التي عاشتها البلاد مؤخّرا ويشير إلى أنه يعرف خلفيات وأسباب غضب الشارع ويتفهّم قلقه ويشيد باحترافية رجال الأمن والدرك في التعامل مع الغاضبين، فإنه يؤكّد بذلك أنه قريب جدّا من نبض الشارع الجزائري على عكس ما يدّعيه البعض وقادر على التجاوب مع انشغالاته عكس ما يدّعيه البعض الآخر·