منكوبون يفترشون الأرض.. وسيارات الإسعاف في كل مكان في حدود الساعة الواحدة زوالا و20 دقيقة مساء يوم الجمعة 14 ماي 2010 ضرب زلزال عنيف قدّرت قوّته ب 5.2 على سلم ريشتر بمدينة بني يلمان وبالضبط ب »ملوزة« شمال ولاية المسيلة وضواحيها، وحل الفزع في كل أرجاء المدينة، وخرج الناس إلى وسط الشوارع في حالات من الذعر والخوف من ردات الفعل التي تعقب الزلزال.. وفي هذه المتابعة تقف »أخبار اليوم« على تداعيات زلزال شمال المسيلة. »أخبار اليوم« تنقلت إلى عين المكان وكانت الساعة تشير الى السادسة مساء. وقد بدت صورة المدينة عكس التي ألفناها؛ »الموت والخراب« أصبحا الصورة الحية لتلك المدينة الهادئة! وأول وجهة كانت مقر العيادة متعددة الخدمات التي أصبحت عبارة عن أكوام من التراب جراء الضرر الذي لحق بها. وتم تشييد خيم في الساحة من الزرابي التي تطوّع بها السكان. وكان الضحايا يفترشون الأرض، وذلك لقلة الدعم في تلك اللحظة. وشوهدت سيارات الإسعاف في كل مكان، مع أصواتها التي تحاول شق جموع المواطنين، الذين احتشدوا في الطرقات وفي ساحات المدارس. وإلى حد كتابة هذه الأسطر لم تقدم السلطات أية إحصاءات رسمية لأن المصادر الطبية تفيد بأن القتلى 04 وليس 02، وحصيلة ثقيلة للمصابين بكسور وجروح طفيفة تقدّر ب 46 جريحا نظرا لقوة الزلزال وهشاشة البناءات التي يعود تاريخ إنشاء بعضها إلى نهاية القرن التاسع عشر، كما هو الشأن في السكنات المتواجدة في حي سليمان عميرات الجلفة سابقا وحي جبل المعدن. وامتلأت شوارع المدينة بجموع المواطنين الذين خرجوا مسرعين من سكناتهم. وشوهدت النساء وهن يحملن أولادهن ويهرعن إلى خارج البيوت. وقام التجار بإغلاق محلاتهم بسرعة خشية أن يقوم البعض باستغلال الوضع للقيام بأعمال السرقة. وفي غضون لحظات كان كل سكان مدينة بني يلمان في الخارج وقد ظهرت عليهم علامات القلق والتوتر، وذلك للتقصير المسجل من طرف السلطات التي وصلت متأخرة. ومن بين الذين لحقهم الدمار »بيت الله«، وهو مسجد يتوسط المدينة شامخا بمناراته، تشققت جل جدرانه وأساسياته بالرغم من حداثة بنائه الضخم، وهو ما يؤكد علامات الغش في الإنجاز! نفس الأمر لحق مقر البلدية، الذي تضررت جدرانه وسقطت أحد أعمدته الأساسية وجل مصابيحه وتشققت أبوابه، وهناك العديد من المؤسسات التربوية التي تضررت من هذا الزلزال. »أخبار اليوم« زارت العائلات المتضررة، وكانت الوجهة الأولى عائلة جبارة المبروك، تتكون من 08 أفراد، سقط عليهم المنزل بكامله، وأصيب أفراد الأسرة بكسور وجروح، وتم نقل »نعيمة« إلى مستشفى عاصمة الولاية »الزهراوي«. رب الأسرة »المبروك« يروي تفاصيل الحادثة قبل وقوع »الزلزال« ويقول: »أصبت بصداع في رأسي فطلبت من زوجتي بأن تناولني مهدئ للصداع. اهتزت الأرض من تحت أقدامنا، وخر سقف المنزل علينا!« يتوقف ويبكي »والله (ثلاث مرات) لولا ربي ومن ثم الرجال الذين كانوا خارج منازلهم الذين هبوا لإنقاذنا، لكنا في عداد الأموات!« فأكوام الحجارة التي تساقطت على أفراد أسرتي بكاملها خلّفت هلعا في قلبي لن أنساه!« وما تجدر الإشارة إليه أن الأسرة قضت ليلتها في العراء! وبحي جبل المعدن كانت علامات البؤس والحرمان بادية على السكان، الذين هبوا للتضامن مع عائلة زعبال السعيد؛ حيث تروي تفاصيل الحادثة الحاجة وصيف ربيحة: »عندما رجت الأرض رجا كنت بفناء المنزل، وذكّرتني بالحادثة السابقة التي كانت سنة 1959 في نفس المنطقة، فقمت أحبو مثلما يحبو الصبي للدخول إلى المنزل وإخراج كل من فيه«، وبالطبع تمكنت من إخراج كافة أسرتها، لكن الصدمة لازالت تسكن جسدها. وما تجدر الإشارة إليه أن منزل زعبال السعيد لا يبعد عن موقع الهزة الأرضية سوى ببضعة أمتار. توجهنا بعدها إلى مقر البلدية بعد أن وصلنا اتصال بتواجد والي ولاية المسيلة بمقر البلدية؛ حيث خلية الأزمة التي كانت بصدد حصر الأضرار وتجنيد الإمكانات للتكفل بالمتضررين في أقصر وقت ممكن. وبعد بضع دقائق عقب تصريح والي المسيلة على المباشر في نشرة الثامنة، تجمهر المتضررون منددين »بالتصريحات الكاذبة« حسب قولهم بأنه تم التكفل بهم، وأن الأمور عادية جدا، فيما لاتزال أكثر من 300 عائلة متشردة في العراء، يتشاجرون على الخيم التي لم تكن في المستوى المطلوب. من جهته، والي الولاية أكد للمتضررين بأنه سيُتكفل بالبقية غدا(!) وهي النقطة التي أثارت ضجة وسط المتضررين، وكانت الساعة تشير إلى الساعة 10:00 ليلا، غير أن المساعدات تأخرت بإرسال شاحنات محملة بالمواد الضرورية من بطانيات وخيم وغيرها، إلى بلدية بني يلمان. لذا تفهمنا حجم معاناة سكان هذه البلدية التي تركناها وسكانها، في انتظار التفاتة السلطات الولائية إليهم. ولن تتحسن صورة هؤلاء المتضررين إلا بتكفل حقيقي يتجسد على أرض الواقع لتغطية العجز المسجل.