ق. حنان بعيدا عن الجرائم التقليدية التي كانت تتورط فيها المرأة سابقا، كجرائم القتل والسرقة والدعارة والضرب والجرح العمدي، برزت مؤخرا فئة أخرى من النساء المجرمات في الجزائر، اللواتي اخترن مجالا اكبر واخطر، يتطلب الكثير من "الفطنة والذكاء والجرأة" في غير موضعها، وكثيرا ما كان يتورط فيه الرجل بصفة خاصة، قبل أن تقرر المرأة اقتحامه، ومنافسته فيه، فمجال الجريمة الاقتصادية، كان إلى وقت قريب، منحصرا في فئة معينة من الموظفين، أو العاملين بقطاعات ومؤسسات اقتصادية هامة وحساسة، كالبنوك ومراكز البريد، وكل ما له علاقة بالمال العام، إلا انه وبالنظر إلى عدد المتهمات بقضايا اختلاس أموال عمومية، والتزوير واستعمال المزور، يمكن القول أن الإجرام عند المرأة في الجزائر قد اخذ أبعادا أخرى، تماشيا مع تطور أشكال الجريمة بالمجتمع الجزائري، وبروز ظاهرة الجريمة الاقتصادية والجريمة الالكترونية وغيرها. وتشير آخر الإحصائيات حول هذا الموضوع، الصادرة عن مصالح الأمن خلال السنة الفارطة، أي سنة 2010 عن تورط واضح للمرأة في الجرائم الاقتصادية بحيث بلغ عدد الموقوفات في قضايا التزوير واستعمال المزور 106 امرأة، و80 امرأة في قضايا خيانة الأمانة و21 أخرى بتهمة الاحتيال والنصب، و108 امرأة موقوفة في جرائم المخدرات. ومن بين القضايا التي شغلت الرأي العام، وأدهشته قضية موظفة بشركة للتأمينات بولاية سطيف قامت باختلاس أكثر من 400 مليون سنتيم. وحسب التحقيقات فان الموظفة البالغة من العمر 26 سنة، كانت تقوم بتمزيق الملفات الخاصة بالمؤمَّنين عبر منح صاحب العقد نسخة أصلية واحدة، فيما يتم تمزيق نسختين كان من المفروض أن يتم إدراجهما في ملفات المديرية الفرعية بسطيف وكذا المديرية الجهوية بقسنطينة. وانكشفت العملية بتوافد عدد المؤمَّنين الذين تم تمزيق ملفاتهم بشكل متواصل، استدعى نزول لجنة تحقيق من المديرية الجهوية متكونة من خبراء في المحاسبة والإعلام الآلي، فكانت المفاجأة كبيرة، بحكم أن المتهمة أقدمت على مسح كل ذاكرة الجهاز المركزي، وبعدما تم استعادة البيانات تم كشف كل العمليات، وتبين أيضا أنها قامت بالدخول إلى قاعدة البيانات الخاصة بالموظفين الآخرين عبر استعمال شفرة الكمبيوتر وإمضاء عقود مزورة بأسمائهم وبأرقام تسلسلية قديمة وصل عددها إلى 99 عقدا. وبالقليعة، كشفت التحريات أن قابضة بمكتب بريد بالدواودة بتيبازة، كانت تقوم برفقة ابنتها، بصب أموال المدخرين في رصيد خطيبها وتمت متابعتهما بتهمة اختلاس أموال عمومية، بناء على شكوى تقدم بها عون الشباك الموقوف مع المتهمتين أيضا، أمام الفرقة الاقتصادية بأمن ولاية تيبازة، التي باشرت تحقيقاتها في قضية اختلاس أموال عمومية وأسفرت التحريات عن اكتشاف عمليات اختلاس لأموال المدخرين بصناديق التوفير والاحتياط، حيث كانت المتهمة البالغة من العمر 29 سنة، وبتواطؤ مع والدتها التي كانت تشتغل قابضة بريد، تختلس أموال الزبائن لتصبها في حساب خطيبها الذي يشتغل عون شباك بمكتب بريد واد الرمان بالجزائر العاصمة، كما أسفرت التحريات ذاتها على اكتشاف شراء المتهمة سيارة لخطيبها، و قدرت المبالغ المالية المختلسة بأكثر من 105 مليون سنتيم من بينها 60 مليون سنتيم سددته المتهمتان اللتان لم يسلم منهما حتى الأعوان الذين تعرضت أموالهم للسرقة. أما بولاية برج بوعريريج فشهد بنك سوسيتي جنرال بوعريريج، عملية اختلاس حوالي 170 مليون سنيتم، قامت بها موظفة بذات البنك، مكلفة بالعمليات الداخلية للبنك، حيث قامت بتحويل مبلغ 170 مليون سنتيم، على ثلاث مرات، باستعمال حسابات بنكية، تحصلت عليها من علاقاتها مع الموظفين والزبائن، ومستغلة ثقتهم فيها، وهذا لكونها مكلفة بعملية تحويل المبالغ المالية على مستوى البنك المعني، واكتشفت القضية بعد تقدم احد الزبائن للبنك، من أجل سحب مبلغ مالي من حسابه، لكنه وجد بأن أمواله ناقصة، مما جعله يخبر الجهة المعنية، والتي قامت بفتح تحقيق داخلي، ليتم اكتشاف، بأن المعنية هي التي قامت بسحب المبلغ المذكور. وطبعا فانه لا فرق ما بين المرأة و الرجل أمام القانون فكلاهما معرضان لنفس العقوبة المتعلقة بهذه الجرائم.