فتحت الجزائر النّار على ما يسمّى بمنظّمة التجارة العالمية، متّهمة إيّاها بانتهاج سياسة غير عادلة مع جميع الدول، وذلك على خلفية العراقيل الكبيرة التي وضعتها المنظّمة المذكورة في طريق انضمام الجزائر إليها، علما أن الجزائر تنتظر ردّا إيجابيا على طلبها بالانضمام إلى المنظّمة منذ سنة 1987، أي منذ نحو ربع قرن· وعبّر وزير التجارة مصطفى بن بادة أمس الأربعاء عن استياء الجزائر من سياسة "الكيل بمكيالين" التي تتعامل بها منظّمة التجارة العالمية مع ملف انضمام الجزائر إليها من خلال فرض شروط لم تفرض على دول أخرى· وقال بن بادة خلال يوم برلماني نظّم بالجزائر حول تقييم مسار الانضمام إلى المنظّمة: "ليس من العدل أن يتمّ التعامل بسياسة الكيل بمكيالين دون الأخذ بعين الاعتبار الظروف العصيبة التي مرّت بها الجزائر خلال العشرية السوداء، فاليوم طلبات أعضاء المنظّمة أكبر من تلك التي تعهّد بها الأعضاء في دورة الأوروغواي (أروغواي - راوند)"، وأضاف: "الكثير من الدول الأعضاء استفادت من تفضيلات لم تستفد منها الجزائر وهذا يخلّ بميزان الحقوق والواجبات داخل المنظّمة"· وألحّ الوزير على "الرؤية الواضحة" التي تملكها الجزائر والمتعلّقة ب "التزامها بالانضمام إلى المنظّمة"، مذكّرا بما قامت به الجزائر من أجل ملاءمة تشريعاتها مع تلك المعمول بها عالميا بتعديل 36 نصا تشريعيا وتنظيميا وقطعت 10 جولات من المفاوضات سمحت لها بالإجابة على أكثر من 1.600 سؤال، وكشف عن "إشارات ايجابية تلقّتها الجزائر منذ ثلاث سنوات" بالنّظر إلى تناقص عدد الأسئلة المطروحة عقب كلّ جولة، والتي انتقل معدلها من 250-300 سؤال عند بداية المفاوضات سنة 2002 إلى 96 سؤال عقب آخر جولة في جانفي 2008. وفسّر تأخّر الردّ على أجوبة الجزائر بانتهاء عهدة رئيس فوج العمل وهي العهدة التي "ستتجدّد في جويلية القادم"، وقال: "ما زلنا ننتظر ردّ فوج العمل بخصوص هذه الأسئلة (96) التي أجبنا عليها منذ سنة، ونرجو أن تنعقد الجولة ال 11 من المفاوضات المتعدّدة الأطراف قبل نهاية السنة الجارية حتى نطوي هذا الملف نهائيا"· وبخصوص المفاوضات الثنائية ذكّر الوزير بتوقيع الجزائر على اتّفاقيات مع خمس دول ملتزما ب "ببذل الجهود للتوقيع قريبا على اتّفاقيات مع دول أخرى"· ومن جهته، أكّد عبد العزيز زيّاري رئيس المجلس الشعبي الوطني أن انضمام الجزائر إلى منظّمة التجارة العالمية "لا مفرّ منه، وأنه سيحدث تغييرا عميقا في الاقتصاد الجزائري"، مضيفا أن هذا الانضمام "سيحدث تغييرا عميقا في النشاطات الاقتصادية والتجارية على المستوى الداخلي وكذا مع الأجانب"· واعتبر السيّد زيّاري أن الغرفة السفلى للبرلمان ستكون الهيئة المعنية أكثر من غيرها بهذا الانضمام الذي "سيؤدّي حتما إلى إعداد نصوص قانونية جديدة هامّة وتكييف القوانين الموجودة"· كما صرّح المدير العام المساعد لمنظّمة التجارة العالمية السيّد أليخادرنو خارا بأنه لا ينبغي أن تبقى الجزائر على هامش النّظام المتعدّد الأطراف العالمي، بل ينبغي عليها أن تؤدّي دورها على طاولة المفاوضات لمنظّمة التجارة العالمية، مضيفا: "ينبغي أن تضاعف الجزائر الجهود وتنهي المحادثات بشأن انضمامها في أقرب وقت ممكن"· وأكّد السيّد خارا أن مثل هذا المسعى "سيكون مفيدا لكافّة أعضاء منظمة التجارة العالمية، لا سيّما الجزائر"، مسجّلا أن أيّ تأخير إضافي بشأن الانضمام "قد يعرّض الجزائر لمفاوضات أكثر تعقيدا بالنّظر إلى ارتفاع عدد أعضاء منظّمة التجارة العالمية"·