في وقت يتمتع فيه المواطنون بالسهرات الصيفية، للخُروج مع عائلاتهم والتفسح، خاصّة في العطل، فإنّ أحياء أخرى تبقى تعيش تحت رحمة اللصوص الذين يفرضون على سكانها حظرا التجول، خاصّة مع انعدام الإنارة العمومية، والتي تتغاضى السلطات الوصية عن تصليحها أحيانا، ويعمد هؤلاء اللصوص إلى تحطيمها في أحيان أخرى. مصطفى مهدي انتقلنا إلى بعض الأحياء التي لا تقع في ضواحي العاصمة، بل في قلبها، والتي يعاني سكانها من سطوة اللصوص، وبعض جماعات الأشرار الذين يفرضون قانونهم الخاص بهم، فكانت البداية من حي بوحمام ببوزريعة، والذي زرناه في حوالي الثامنة إلا الربع، كنا رفقة بعض من سكّان المنطقة، قالوا لنا أنهم لا يستطيعون أن ينعموا بالسكينة، وبعض اللصوص القادمين خصوصا من أحياء لعمارة، وبوسكول، ينغصون عليهم عيشهم، ويحدث هذا مع تواطؤ بعض سكان الحي، ولكن، "هم لصوص يسطون على المارّة منا، وصار كأنه عمل بالنسبة إليهم، يقدمون ليلا، ويتخفون، حتى إذا ما بدا لهم شخص مار بمفرده، هجموا عليه، وجرّدوه من كلّ ما يملك، بل إنّ أحدهم فعل ذلك واضعا قناعا على رأسه، أحس أنها مافيا حقيقية" قال رمزي. ك الساكن بنفس الحي هذا، قبل أن يُضيف: "والأسوأ من ذلك أنهم يحطمون مصابيح الإنارة كلها، لكي يخلو لهم الجو". ويضيف بيأس: "لقد تهجموا مرة على أختي، وهي مارة، قال لي إنّ بعضهم لا يتجاوز الخامسة عشر من العمر، وآخرون فاقوا الثلاثين، لقد فرض علينا حظر التجوّل حتى في الليل". حي عمارة 2 بالشراقة هو الآخر يعاني من سطوة اللصوص، والإنارة الغائبة رغم الطلبات الكثيرة التي وضعها السكّان على مكاتب السلطات المعنية، تلك الإنارة زادت من الطين بلة، يقول لنا محمد شعباني، وهو من سكان الحي: "لا بد أن يكون هناك حل، لا يمكن أن تستمر الأمور بهذا الشكل الغريب، لقد سطوا على بعض سكان الحي الذين يمرون من المكان ليلا، البعض منا صار لا يخرج بعد الساعة الثامنة حتى لا يتعرض لمثل تلك الاعتداءات". وليست الأحياء التي تقع في ضواحي العاصمة وحدها من تعيش مثل هذا الدمار، ففي وسط العاصمة كذلك، توجد أحياء أوضاعها كارثية، بالإضافة إلى ما يُمكن أن يعيشه سكانُها من اعتداءات تحدث في الظلام، حتى صار السكانُ تحت رحمة هؤلاء اللصوص وجماعات الأشرار التي يُكوِّنونها، تماما مثلما يحدث في حي الموظفين، أو الدكتور سالياج سابقا، والتي يفتقد إلى أدنى شروط الحياة، بالإضافة إلى ما يقع فيه من سرقات، تصل إلى حد الاشتباكات، يقول لنا سمير طيطوي: "بالنسبة لي صرت أكره الحي، إلى درجة أنني أبيت في مقر العمل، فأنا أعمل في بيتزيريا قريبة من البيت، ولكني أفضل أن لا أعود إليه، ذلك أنني أعلم أنه لن ينتظرني في الحي إلاّ المشاكل التي لا نهاية لها، كل شيء منعدم في الحي، وحتى الإنارة العمومية، عندما تدخل الحي، وكأنك تدخل إلى إحدى الكهوف والمغارات القديمة، صرنا لا نخرج من البيت بعد حلول الظلام، أو على الأقل لا يخرج منا إلاّ "القادر على شقاه" كما يقولون، أمّا من يخشى على نفسه الاعتداءات المتكررة التي تحدث فعليه أن يبقى في بيته، وأن لا يتنقل إلاّ نهارا، وحتى الأطفال لم يسلموا من بعض اللصوص، أخي الصغير، مثلا، تعرض إلى سرقة دراجته الهوائية، تخيّلوا هذا دراجة هوائية لم تنجُ من السرقة".