إذا بلغ الكبر بإنسان مبلغه فيرخص له في الفطر – رجلا كان أو امرأة- إذا كان الصيام يجهدهما ويلحق بهما مشقة كبيرة ،ومثلهما من ابتلي بمرض مزمن يضره الصوم، والمقصود بالمرض المزمن: هو من أخبر الأطباء أنه لا يشفى من مرضه وفق قوانين الطب، وقد اختلف العلماء في هذه الفئة هل يجب عليهم الإطعام أم أن الصوم سقط عنهم دون بدل كالأطفال الصغار؟ والصحيح الذي عليه أكثر العلماء أن عليهم عن كل يوم يفطرون إطعام مسكين وجبتين مشبعتين من أوسط ما يأكلون، وأجاز بعض الفقهاء وجبة واحدة، وأجاز الإمام أبو حنيفة إخراج قيمة الطعام نقودا، ومنع ذلك جمهور الفقهاء، فلا يعدل عن مذهب الجمهور إلا عند الضرورة والحاجة، وتوكيل المريض جمعية أن تقوم بشراء طعام بالمال يخرج من الخلاف. وله أن يهيئ الطعام ثم يعطيه للمسكين، وله أن يعطيه له دون طبخ، ومقدار ما يعطيه له (كيلو ورطل تقريبا) من الأرز أو التمر أو الزبيب أو المكرونة أو القمح من جنس ما يأكل، وقال الشيخ ابن العثيمين: "لكن ينبغي في هذه الحال أن يجعل معه ما يؤدمه من لحم أو نحوه، حتى يتم قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}." وإذا أعسر المريض الذي لا يرجى برؤه أو الكبير، فإن الإطعام يسقط عنهما؛ لأنه لا واجب مع العجز، والإطعام هنا ليس له بدل. ويلتحق بهذه الفئة أصحاب الأعمال الشاقة التي لا يحتمل الصيام معها، مثل: عمال المناجم، أو الأفران ونحوهم ممن لا يجدون فرصة للقضاء، فهؤلاء يفطرون، وإذا سنحت لهم فرصة في القضاء- كفصل الشتاء- فعليهم ذلك وإلا أطعموا مسكينا عن كل يوم. وأصحاب الأعمال الشاقة ليس لهم أن ينووا الإفطار من الليل، بل عليهم أن ينووا الصيام، فإذا أرهقهم الصيام وعاقهم عن العمل فلهم حينئذ أن يفطروا، ومن واجب الحكومات الإسلامية أن تقوم بسياسة هذه الأمور بأن تجعلها في الليل مثلاً أثناء شهر رمضان.