12، 14، او 16 سنة، لا يهم السن، المهم أن يكون الرجل المتقدم للخطبة قادرا على الزواج، وان يرتبط بها في اجل محدد، هكذا صار يفكر بعض الأولياء الذين لم يعودوا يُفكرون إلاّ في تزويج بناتهم، أو ربما التخلص منهنّ، في سن مبكرة، حتى لا يصيبهن وباء العنوسة. م. مهدي لكن أحيانا تبالغ الأسر في تزوج بناتها مبكرا، إذ يُخطبن في السادسة عشر من العمر، على أن يلتحقن ببيت الزوجية ما إن يبلغن السن القانونية أي ثمانية عشر سنة، او ربما قبل ذلك، وهو الأمر الذي ترى بعض الأسر انه الأصلح لبناتها، وترى أن مكان الفتاة الأول هو بيت زوجها، أما الدراسة والعمل وغير ذلك يأتي في مرتبة ثانية، تقول لنا السيدة سعيدة: "تقدم ابن أخي لخطبة ابنتي، وهي لم تبلغ الرابعة عشر من العمر بعد، فوافقت طبعا بعدما أقنعتها، ولكني اشترطت عليه أن ينتظر أن تتحصل على البكالوريا حتى يرتبط بها، ثم له أن يدعها تواصل دراستها أو لا، فعندما يكون زوجَها فهو المسؤول عنها، خاصة وان ابنتي الكبرى التي شارفت على بلوغ الأربعين لم تتزوج بعد، لأنها فضلت أن تدرس وتعمل، وقد وافقتها على ذلك حينها لكنني ندمت اليوم، وخشيت أن يحدث نفس الشيء مع أختها الصغرى، ففضلت أن أوافق على أن ترتبط بابن خالها، ولو بالخطبة حتى اضمن لها مستقبلها، أو كما يقول المثل الشعبي: نضمنو الكورسة". لكن أحياناً تنتهي هذه التجارب إلى الفشل، وبعض الفتيات يندمن على الخوض فيها، بل ويفكرن في أنهن لو بقين دون زواج لكان أفضل لهن، مثلما وقع لنادية التي ارتبطت في سن السادسة عشر من العمر برجل يفوقها بست عشر سنوات أخرى أي ضِعف عمرها، لكن لم تمض سنوات على زواجها حتى انفصلت، وهي في التاسعة عشر، وهي تجربة تقول نادية عنها: "أقنعني والداي بضرورة الزواج مبكرا، لأنني عاجلا أم آجلا سأتزوج، فوافقا على تزويجي برجل يفوقني سنا، على أساس انه قادر على تحمل المسؤولية، لكنه لم يكن كذلك، بل لم يتقدم لخطبتي إلاّ لأني صغيرة، وعندما سئم مني رماني، لهذا أقول أحيانا انه كان أحسن لي ألاّ ارتبط، خير لي من أن امضي ربيع عمري في التعاسة". ما يحول دون نجاح الزواج المبكر، هو أنّ شباب وبنات اليوم ليسوا شباب وبنات الأمس، فتجد الواحد منهم قد شارف على بلوغ الثلاثين وحتى الأربعين لكنه مع ذلك غير قادر على تحمل المسؤولية، ولا يرتبط إلاّ عن هوى، ولا يحكم عقله في أمور مصيرية مثل الزواج، وهو الأمر الذي يؤدي حتما إلى الفشل الذريع، في الزواج، وحتى في مسائل حياتية أخرى أكثر خطورة.