تتّجه الجزائر نحو تنظيم أكبر لدور الزّوايا في الحياة الدينية فوق الدور الهام الذي باتت تحظى به منذ سنوات ترتبط بالأساس بفترة حكم الرئيس »عبد العزيز بوتفليقة«، سيّما بعدما وافقت الرئاسة على مشروع طالب به اتحاد الزّوايا لطلبة القرآن في الزّاوية يمهّد بدوره لمشروع للزّاوية نفسها، قد يزيد من حضور هذه »الهيئة الصوفية« في الحياة السياسية ومواجهة التطرّف. وتسعى الرئاسة إلى التجاوب مع مضمون ما يقترحه الاتحاد الجزائري للزّوايا، وهو هيئة للصوفية تعتبر بديلا للسلفية التي يقول العارفون إن كثيرا من الإرهابيين يعتنقونها، وأعطت الأمانة العامّة للرئاسة ضوءا أخضر »مؤقّتا« عن الرئيس »عبد العزيز بوتفليقة« بخصوص مضمون القانون الأساسي الخاصّ بطالب القرآن في الزّاوية والجامع. وقد تقدّم الإتحاد في وقت سابق بالمشروع إلى رئيس الجمهورية، ينصّ على منحه حقوقا تعادل حقوق تلاميذ المؤسسات التعليمية وطلبة الجامعات، جرت المصادقة عليه من طرف أغلب مشايخ الزّوايا. وقامت مؤسسة الزّوايا بدور كبير وآزرت الرئيس »بوتفليقة« في ترشّحه للرئاسيات ثلاث مرّات متتالية، وتطمح الصوفية إلى تحصيل حقوق أوسع عبر تشريع قانوني ينصّ على »حقوق طلبة الزّوايا وواجباتهم« في ظلّ غياب أطر تحمي طلبة القرآن في المساجد والزّوايا. وينأى اتحاد الزّوايا بنفسه عن التجاذبات الحزبية في الجزائر، ويقول الدكتور شعلال: »إننا طلبنا من الرئيس أن يصدر المشروع عبر أمرية رئاسية لتفادي مناقشتها في البرلمان والاكتفاء بالتصويت حتى لا يتجاذب المشروع أيّ حزب أو تيّار سياسي«. ويعتقد مسؤولو الأحزاب الكبرى في البلاد أن إعطاء الفرصة لشيوخ الزّوايا لتولّي مناصب قيادية هو »استثمار سياسي« ناجح. وعكس طلبة المؤسسات التعليمية وطلبة الجامعات، أشار الاتحاد الوطني في مراسلته للرئاسة إلى حرمان طلبة الزّوايا والجوامع من التغطية البيداغوجية والصحّية، ودعا الرئيس »عبد العزيز بوتفليقة« إلى رعاية هذا القانون، مشدّدا على »إبعاده عن نشطاء السياسة«. علاوة على ذلك، يشترط مشروع القانون الأساسي أن يضمّ أعضاء المجلس التوجيهي عناصر ذات كفاءة علمية ودينية وثقافية، مع توفير ميزانية تضمن استمرار عمله. بينما أدرج المشروع أهداف الزّاوية والجامع في المحافظة على الهوية العربية الإسلامية والدفاع عن الإسلام وحمايته من الهجمات التي يتعرّض لها داخليا وخارجيا، ونشر الثقافة الإسلامية والأخوّة بين الناس، وحرص مشروع القانون على »الاعتناء المادي بالشيوخ والأساتذة وتخصيص منح لفائدتهم«، بالإضافة إلى إعانات للطلبة مع مراعاة شرط الانضباط والمواظبة على العلم والالتزام بالأخلاق واحترام نظام المؤسسة. وتكون إشارة القانون واضحة نحو »التيّار السلفي«، وهذا الأخير يرفض تغلغل الصوفية نحو مساجد البلاد وينتقد »النفوذ المفرط« لدور الصوفية في البلاد. ونصّ القانون الأساسي كذلك على شروط قَبول الطالب في أن يتقدّم بطلب مكتوب يتعهّد فيه بالتفرّغ الكامل للدراسة، فيما منحه حقّ العمل في تعليم القرآن وحقّ المشاركة في المسابقات التي ينظّمها السلك الديني بعد أن يتوّج الطالب بشهادة بناء على امتحان التأهيل. وتشير مراجع إلى أن حادثة رفض أئمة الوقوف للعلم الوطني دفعت مسؤولين في الرئاسة للمطالبة بالإسراع ببعض التعديلات في تكوين الأئمة، وبحث مكمن الخلل، مع الإسراع في إصدار القانون المذكور، والذي سبق ل »أخبار اليوم« الإشارة إليه في عدد سابق وألزم مشروع القانون الأساسي الزّاوية التي يدخل تنظيمها وفق بنوده شروطا حدّدها بتلقين الدين وتعليم أحكامه وتحفيظ القرآن، تدريس أحكام الفقه الإسلامي، تعليم اللّغة من نحو وبلاغة، وإعداد برنامج مفصّل في التدريس مع إطلاع المجلس التوجيهي عليه، كما ضمن ذات المشروع إتاحة فرصة الإلتحاق بالزّاوية والجامع للجميع دون مراعاة السنّ أو المؤهّل العلمي. كما أن القانون الأساسي يضطلع بإنشاء مجلس توجيهي تحت رعاية ووصاية رئيس الجمهورية، يتّخذ مقرّه في العاصمة ويشرف على توجيه مؤسستي الجامع والمسجد ويعمل على تقوية مكانة الهيئتين الرّوحيتين ماديا ومعنويا. كما يسهر رئيس الجمهورية في هذا الإطار على »إعادة الاعتبار للتعليم القرآني والنّظر في فاعلية البرامج ومدى ملاءمتها، والإشراف على التأهيل العلمي المتخصّص في تعليم القرآن ومنح الجوائز والشهادات«، كما يعنى بالتنسيق بين الزّاوية والجامع وبينهما وبين السلطات ذات الاختصاص المشترك، بالإضافة إلى الإشراف على تنظيم الملتقيات والنّدوات التي تهمّ النّشاط العلمي والتنظيمي المتّبع في الهيئتين. ويتألّف مشروع القانون الأساسي للطالب في الجامع أو الزّاوية من 12 مادة، تبدأ من »تعريف الطالب في الزّاوية أو الجامع وطبيعة العلم الذي يدرسه« مثلما ورد في المادة الأولى، بينما أشار ذات المشروع إلى حقوق وواجبات الطالب، حيث »يجب أن يكون منضبطا في سلوكه وتصرّفاته، وأن يحترم المدرسة التي ينتمي إليها«، ومنح الحقّ للطالب في »التكفّل بالإيواء والإطعام والرّعاية الصحّية والاجتماعية، مع تخصيص منحة أو إعانة مالية في حدود إمكانيات المؤسسة«. كما اعتبر مشروع القانون الزّاوية أو الجامع »مؤسسة تعليمية قرآنية وطنية ثقافية واجتماعية تتمتّع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي«. وتتكوّن الزّاوية وفقا لتأطير المشروع من »هيئة مشرفة تتولّى التسيير والتوجيه والمراقبة وتنظيم التعليم وطلاّب العلم، بالإضافة إلى اعتماد موارد مالية في مجال الإنفاق«.