تتعرض بعض المناطق السكنية في العاصمة إلى عملية تشويه فظيعة لمظهرها، بسبب تراكم النفايات التي تخلفها الأسواق الشعبية سواء الفوضوية أو المغطاة، فكلها تقوم بلا أدنى مبالاة برمي فضلاتها أمام أبوابها المقابلة للمناطق السكنية أو المؤسسات التعليمية، وبذلك فان الخطر مضاعف بالنسبة للسكان القاطنين بالقرب من هذه الأسواق. شرط نجاح السوق هو تواجده بالقرب من المناطق السكنية، مثلما هو معلوم، إلا أن بعض الأسواق لم تحترم هؤلاء السكان من خلال إلقاء فضلاتها خاصة المتعلقة، بالمواد الغذائية كالخضر والفواكه وبقايا اللحوم البيضاء و الحمراء بما فيها السمك وما تثيره رائحته من اشمئزاز في النفوس، بالقرب من العمارات والمنازل، وهذا ما يحدث مثلا في سوق باب الوادي للخضر والفواكه بالقرب من ساحة الساعات الثلاث، في منطقة تعرف بالاكتظاظ السكاني من حيث البنايات المتلاصقة فيما بينها، فالمواطنون هناك يعانون بشكل كبير من نفايات السوق الذي حول الشارع إلى مستنقع تعاف الأرجل الغوص فيه لقذارة الطبقات التي تشكلت على الأرض بفعل الفضلات التي ترمى من طرف التجار دون ان يعرف عملية تنظيف. وغير بعيد يعيش سكان زوج عيون نفس المشكل على انه اقل ضررا لان السوقين المتواجدين بساحة الشهداء يعرضان فقط الألبسة، وبعض السلع المنزلية، إلا ان هناك بعض البائعين المتجولين في المكان يعرضون بعض المأكولات الجاهزة أو بعض الفواكه، وبالتالي فان فضلاتهم هم كذلك يوزعونها على المكان دون اهتمام بصحة المارة والسكان وبمظهر المكان الذي يعد قبلة المواطنين من كل الجهات، وفي الجانب الآخر تعرف منطقة ميسوني حالة متدهورة للغاية بالرغم من تواجد العديد من الهيئات والمؤسسات العمومية والخاصة فيها، إلا أن هذا لم يمنع من تعرض مظهرها للتشوه. ونفس المظهر تقريبا موجود في معظم الأسواق الشعبية كسوق 12 بحي بلكور أو سوق باش جراح، وفي كل منها يعيش المواطنون نفس المأساة المتمثلة في إغراق منطقتهم في فضلات السوق، التي سببت حالة تلوث كبيرة وأنتجت بدورها العديد من الأمراض التي تسببها الجراثيم وأيضا انتشار الحيوانات المتشردة كالكلاب والقطط والجرذان، وبالتالي مرض الكلب الذي عاد من جديد ليتربص بالجزائريين في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من كل الشكاوى المقدمة من السكان المعنيين إلى السلطات المحلية بالتدخل لرفع هذه الحالة عنهم، من خلال منع التجار من رمي فضلاتهم أمام التجمعات السكنية وإلزامهم بوضعها في الحاويات المخصصة لذلك من خلال فرض غرامات مالية على من يخالف ذلك كما يحدث في البلدان الأجنبية، أو تحويله إلى مناطق أخرى بعيدة عن المناطق السكانية، إلا أن هذا الحل مستبعد إذ ان الأسواق الشعبية يجب ان تكون قريبة من تواجد المواطن لتسهيل تلبية حاجباته الضرورية. وفي ظل هذا الوضع فان اللون الأبيض للعاصمة تلوث بشكل مخيف و لم يعد يظهر منها إلا أكوام النفايات التي غطت على كل شيء جميل فيها، بل ساهمت في حدوث العديد من المشاكل ما بين المواطنين والتجار، التي تصل في بعض الأحيان إلى التعارك بالأيدي واستعمال الأسلحة البيضاء بسبب حالة الغضب المتولدة لدى السكان من تجار لا يهمهم إلا التخلص من فضلاتهم بأي شكل من الأشكال وفي أي مكان يصادفهم دون احترام للسكان أو خوف على سلامة الأطفال.