أصبح أقصر طريق للشهرة وتسليط الأضواء على المجاهيل أن يثيروا قضايا جدلية، لا ينبنى عليها أى عمل يصب فى مصلحة الأمة، على أن تكون هذه القضايا تحمل بين ثناياها طعنًا فى الإسلام وأصوله. وقد ابتلينا على مدار الأشهر الماضية بمجموعة من مدعى التنوير والحداثة، يشهرون أسلحتهم فى وجه ثوابت وهوية الأمة، فمنهم من بث سمه وأشهر سيفه فى وجه كتب التراث الإسلامى ورجاله، مثل صحيح البخارى ومسلم والقرطبى وابن كثير، وغيرها من الكتب التى تعد من العلامات المضيئة فى تاريخ التراث الإسلامى، طاعنين فيها، مطالبين بالتخلص منها، بل ووصل الأمر بهم إلى الطعن فى بعض الصحابة من المحدثين والتطاول عليهم، وعلى رأسهم التقى النقى محدث هذه الأمة أبو هريرة رضى الله عنه. ثم وجدنا هؤلاء يخرجون علينا بفتاوى شاذة ما أنزل الله بها من سلطان، مثل فتوى التدخين وعدم إفساده للصيام، وعدم فرضية الحجاب، وجواز تقبيل الشباب والفتيات فى حدائق عامة تخصص لهذا الشأن، وتحريم تعدد الزوجات. بل وجدنا منهم من استهان بالنصوص القرآنية، وجعلها موروثا ثقافيا، يخضع للنقد، ومنهم من يثير قضايا لا تفيد أمتنا، كمصير والدى الرسول فى الآخرة، ومنهم من تخصص فى التشكيك فى سير الصحابة، وتشويه صورتهم أمام البسطاء، ومنهم من تخصص فى الطعن فى التاريخ الإسلامى وإهالة التراب على رموزه. وهذه المجموعة من أجل تحقيق أهدافهم يرتدون ثوب الدفاع عن الإسلام والخوف عليه، والباحث فى الأمر يجد أن هؤلاء يستهدفون التخلص من السنة، وتشكيك شبابنا خاصة ضعيف التدين والاطلاع منهم، فى ثوابت الحديث وصحيح الدين، بهدف تحجيم الصحوة الإسلامية التى عمت فى معظم البلدان العربية والإسلامية. ومكافأة لهم على دورهم الفاسد، نجد هؤلاء يتحولون بقدرة زعماء الميديا ومن خلفهم الحركة الصهيونية، والحركة العلمانية العالمية إلى نجوم فضائيات ورؤوس للتنوير والفكر التقدمى، ويفرد لهم مساحات فى الصحف، وتحولوا إلى أبطال مغاوير، يحيطون بدروع بشرية تنهش من يحاول الاقتراب من مناقشة أفكارهم وكشف زيفها، ويكيلون لهم التهم الجاهزة مثل الظلاميين والمتطرفين والمتشددين وكل ذلك لإرهاب من يحاول المساس بأفكارهم ومخططاتهم. لكن لن ترهبنا دعواتهم التخويفية، وسنواصل دك معاقل هؤلاء المتلاعبين بالدين وثوابته، مقارعين الرأى بالرأى والحجة بالحجة.