هي عبارة عن مواد تستعمل في التطهير المنزلي، غير أنها تعد من بين أكثر المواد الضارة والسامة والمؤذية لصحة الإنسان، كما أنها قد تكون قاتلة في غالب الأحيان، خصوصا بالنسبة للأطفال الصغار، ومع أنها تدخل منازلنا بشكل غير مباشر وشبه يومي، إلا أننا نتعامل معها دون أن ندرك ونعي خطورتها وما تفاصيل تركيبتها، وفي كثير من الأحيان نكثر من استعمالها دون وعي ودون وقاية لتحولنا بعدها وفي دقائق معدودة إلى ضحايا، فهي تحرق وتشوه وتعمي العيون، وتصيب الجهاز الهضمي والتنفسي، فتؤدي إلى الاختناق وربما إلى الموت لا ريب· ففي الماضي كنا نفرق بين قارورات مواد التنظيف والتطهير، وقارورات المواد الاستهلاكية الغذائية، لأنها كانت تأتي في زجاجات بلاستيكية، لا يختلف اثنان على أنها مواد التنظيف والتطهير، غير أنها اليوم اكتسبت حلة جديدة تسحر الناظر إليها لأول مرة، إذ أصبحت تأتي في قارورات ذات أشكال جميلة، بالإضافة إلى تنوع ألوانها وروائحها ما بين رائحة الورود كالياسمين ورائحة الفاكهة كالليمون، لذا فالناظر إليها للوهلة الأولى يظن بأنها عبارة عن زجاجات عصير، وإذا لم يبين البائع ماهي، أو يقرأ الزبون نشرة المعلومات الموجودة عليها، وعليه يقبل بعض المواطنين على اقتنائها، على أساس أنها عصائر، خاصة بعض الرجال الذين لا يعرفون الكثير حول الأنواع الكثيرة لمواد التنظيف، مما يعرض حياتهم وحياة أولادهم للخطر، خصوصا في غياب الأمهات اللواتي يكن غالبا في العمل· لذا يجب علينا التفريق جيدا بين هذه المواد والمواد الغذائية الاستهلاكية، وكذا معرفة المواد التي تستعمل في تركيبتها، من أجل حماية كل أفراد العائلة من خطر التسمم بها، لأن أغلب المواد التي تدخل في تركيبها سواء بالنسبة للمواد المبيضة أو المزيلة للروائح الكريهة، تعد جد خطيرة على صحة الإنسان، ويمكن أن تتسبب له في إصابات خطيرة، كالكلور الموجود في مادة التبييض (جافيل) الذي يسبب التهابا حادا في القناة الهضمية عند بلعه، كذلك بالنسبة للمواد المطهرة والمعقمة التي تخدع المستخدم بروائحها العطرة، التي من الممكن أن تؤدي إلى حالات من التسمم الحاد، وانهيار الجهاز التنفسي واحتباس البول والفشل الكلوي، بالإضافة إلى العديد من الالتهابات الجلدية الخطيرة، وكلها إصابات يمكن أن تنهي حياة الفرد منا، إذا ما تعرض الإنسان لها كثيرا واستنشق رائحتها لمدة طويلة· وعليه تقول بعض السيدات اللواتي التقينا بهن، إنهن في الماضي كنا يسمعن ببعض الحالات التي تعد على الأصابع، والتي تعرض فيها شخص بالغ أو طفل صغير إلى تسمم بإحدى هذه المواد، غير أنهن اليوم أصبحن يسمعن بالكثير من حالات التسمم الخطيرة، التي يكون أغلب ضحاياها من الأطفال الصغار، إذ تقول السيدة (ب· نادية) إنها كانت حاضرة يوم تعرض ابن جارتها البالغ من العمر خمس سنوات إلى تسمم خطير سببه إحدى زجاجات مزيل الروائح (صانيبو) الذي اقتناه والده، والذي ظن بأنه عصير ليمون، وفي غياب الوالدة عن البيت شرب الطفل من الزجاجة ليحس بعدها مباشرة بآلام حادة استدعت نقله المستعجل إلى المستشفى، من جهتها تقول السيدة (م· آسيا) إنه لولا دخولها فجأة إلى المطبخ لوقعت الكارثة، فابنتها ذات الأربع سنوات كادت أن تشرب من قارورة المطهر، لولا تدخلها السريع، ومنعها من شربه، لتضيف أنها وبخت زوجها كثيرا لأنه هو من اقتنى قارورة المطهر بلون ورائحة الليمون، فكادت أن تودي بحياة ابنتها، لتعقب أنه ومن كثرة الحوادث التي نسمع عنها بسبب المواد المطهرة، صارت تمتنع عن شرائها مثلما كانت في السابق، وإذا ما اقتنتها فهي تبتعد تماما عن تلك التي تشبه المواد الاستهلاكية إلى حد بعيد· وعليه فالعديد من المواطنين يدعون السلطات المعنية من أجل التدخل والتفطن إلى هذه المواد التي تهدد صحة وسلامة المواطنين، والعمل على تغيير شكلها، أو حتى وضع نشرات تبينها وتحذر منها·