بينما تتسارع عقارب الساعة صوب موعد إجراء الانتخابات الأمريكيةّ، يستعد المسلمون في عدد من الولايات، ومنها ولاية فلوريدا للقيام بدورٍ هام، شريطة الاتحاد، والتصويت ككتلة واحدة· هذا ما أشارت إليه دراسة أعدها معهد السياسة الاجتماعيّة والتفاهم، ومقره واشنطن، ولخصه دانيال هامل أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، بقوله: (إذا قام المسلمون بالتصويت ككتلة واحدة يمكن أن يكون لهم تأثير كبير في الانتخابات)، مشيرًا إلى أن (هناك مقاطعات كثيرة في ولاية فلوريدا مثل أورانج وأسكيولا تحتل فيها الكتلة التصويته للمسلمين مرتبة عليا)· كما وجدت الدراسة أن المسلمين في فلوريدا مهتمون بالانتخابات الرئاسية الأمريكيّة كمعظم الأمريكان، حيث ذكرت الدراسة أن 48% من المسلمين يرون أن التنمية الاقتصادية وتوفير الوظائف هي القضايا الأهم ويليها التعليم والرعاية الصحيّة· حسب التقديرات الأخيرة، يوجد في ولاية فلوريدا حوالي 124 ألف ناخب مسلم، وقد كان لهم دور محوري في الانتخابات الرئاسية السابقة، حينما أسهم مسلمو فلوريدا في انتخاب جورج دبليو بوش في عام 2000 بفارق نسبة ضئيلة من الأصوات عن منافسه آل جور، بالإضافة إلى دورهم في انتخاب الرئيس الحالي باراك أوباما· وبرغم أن بعض الخبراء يتوقعون أن قدرة المسلمين على تكوين كتلة تصويتيّة واحدة بين الناخبين المسلمين، الذين ينحدرون من مشارب مختلفة للحياة والأعراق والدول، يعتبر صعب تحقيقه، إلا أن الحملات المتزايدة المناهضة للمسلمين في السنوات القليلة الماضية يمكن أن تكون عاملا قويا في التوحيد بين مشاعر المسلمين بسبب التحيز ضدّهم مما يزيد من فرص تصويتهم ككتلة واحدة في الانتخابات الأمريكيّة· يشار أن المسلمين في الولاياتالمتحدة يعانون ويستشعرون خلال السنوات القليلة الماضية تزايد حملات العداء ضدهم ولاسيما عقب جلسات الاستماع عن المسلمين، والتي وصف فيها ممثل الجمهوريين بيتر كينغ مسلمي أمريكا بالتطرف، كما وصف نائب الحزب الجمهوري عن ولاية ميسوري الإسلام على أنه (مرض يستشري في المجتمع الأمريكي) بينما وصم نائب ألاسكا المسلمين على أنهم (محتلون للأحياء الأمريكيّة)· ناهيك عما قام به القس تيري جونز، رئيس كنيسة صغيرة في جانسيفيل بولاية فلوريدا، في عام 2010 حينما حرق المصحف أمام حشد من الأمريكيين، إلى جانب أكثر من 800 حادثة اعتداء وعنف وتهديدات وتخريب ضد المسلمين منذ عام 2001، كما تُظهر التقديرات أن 14 % من التمييز الديني يمارس ضد المسلمين وحدهم· (من المؤكد أن مثل هذه الاعتداءات جعلت المسلمين ينفرون من الحزب الجمهوري ويميلون بشكل متزايد للتصويت ككتلة واحدة) حسب ما قاله عمران صديقي، عضو مجلس إدارة منظمة (الظهور) الأمريكية وهي منظمة إسلامية مقرها في جنوب فلوريدا· وأضاف صديقي: (ما ينبغي علينا أن نهتم به كيف تحولت هذه الاعتداءات والهجمات من مجرد أحداث هامشية إلى تيار سائد في وقت قصير للغاية)، مشيرا إلى أنه في أوقات الاضطراب وعدم الاستقرار والأزمات كان العديد من الأمريكيين ينظرون إلى أي شخص ويلقون عليه باللوم أما في الوقت الحالي فيشار إلى المسلمين بأصابع الاتهام)· أما نهاد عوض المدير العام لمنظمة مجلس العلاقات الاسلامية الأمريكيّة (كير) فقد قال: (ينبغي على مرشحي الرئاسة أن يخاطبوا قضايا مسلمي أمريكا إذا كانوا يتمنون الحفاظ على مساندة المسلمين الأمريكيين لهم أو حصد مزيد من الأصوات المسلمة الأمريكية)، مضيفا (أن المسلمين سوف يشكلون كتلة انتخابية هامة قادرة على تغيير مسار الانتخابات في عدد من الولايات التي لم تمل بعد بقوة لصالح أي من المرشحين مثل ولايات ميتشيجن وأوهايو وفلوريدا)· وعلى الرغم من أنه لا توجد أرقام رسمية، فإن الولاياتالمتحدة يوجد بها ما يتراوح بين 6-8 مليون مسلم، وهو الرقم الذي قد يلعب دوراً هامًا، فإن مؤشرات تصويت المسلمين ككتلة واحدة تتجه نحو الحزب الديمقراطي الأمريكي بنسبة أكبر من الأحزاب الأمريكية الأخرى على اعتبار أنه الحزب الذي يعتني بمصالح المسلمين في أمريكا، في حين أن بعض المسلمين يرون أن حزب الخضر هو الحزب الأكثر تمثيلا لهم وجاء بطبية الحال الحزب الجمهوري في المرتبة المتدنية· في النهاية، لا شك أن مسلمي أمريكا الذين ترشحهم العديد من مراكز الأبحاث الأمريكية للعب دور حيوي في تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكيّة المقرّر إجراؤها في نوفمبر القادم سواء بقدرتهم على التصويت ككتلة انتخابيّة واحدة، ولا سيما في بعض الولايات الأمريكيّة التي يتواجدون فيها بشكل مكثف أو إمكانياتهم على التعبئة السياسيّة نظراً للضغوط العديدة التي تعرضوا لها خلال السنوات الأخيرة·