عالجت الكثير من المحاكم عشرات القضايا من ذلك النوع بعد أن يتخفى اللصوص وراء مهن ويذهبون إلى انتحال صفات لأعوان في مصالح عديدة على غرار مصالح المياه ومصالح سونلغاز إلى غيرها من المصالح التي دأب أعوانها على طرق أبواب المنازل ويكون الغرض من ذلك السطو على تلك المنازل بعد الاعتداء على أفرادها، وعادة ما يختار هؤلاء الأحياء الراقية التي تتميز بهدوئها، خاصة وأن الأحياء الشعبية لا تساعد أبدا على استكمال تلك الخطط والجرائم بالنظر إلى حيويتها في كامل الوقت· دأبت أغلب المنازل على استقبال بعض الأعوان والموظفين التابعين لمصالح متنوعة من أجل تسليم بعض الفواتير أو مراقبة عدادات الكهرباء والغاز، وتذهب الأسر إلى فتح أبوابها لهؤلاء وكلها ثقة بل وتعمل على حسن استقبالهم ببيوتها دون أن تشك أبدا أن هناك أناسا انتحلوا صفاتهم لأجل الغدر بهم وهو ما سجلته أروقة المحاكم، منها تلك العينة التي جرت لعجوز مسكينة بعد أن كانت في بيتها لوحدها بحيث تقدمت إلى بيتها سيدة وشابان وطرقوا بابها وأوهموها أنهم أعوان سونلغاز جاءوا لتحديد الفواتير ورقابة العداد فما كان عليها إلا الاستجابة، وما إن فتحت لهم الباب حتى هجم عليها الشابان وراحت السيدة إلى نزع السلسة الذهبية من رقبتها ولم يكتفوا بذلك بل اقتحموا المنزل بعد أن أمسكوا بفمها لعدم الصراخ حتى أوشكت على الموت وسلبوها مبلغا ماليا، كما أنهم تعدوا عليها بالسكين أمام مقاومتها ولاذوا بالفرار، وظهرت العجوز مرعوبة جدا عندما كانت تسرد حكايتها بمحكمة الجنايات بالجزائر العاصمة بعد أن كيفت القضية بجناية بالنظر إلى هول الوقائع التي كنا نشاهدها في الأفلام وبتنا نلتمسها في الواقع وسلطت عقوبة سبع سنوات سجنا نافذا على كل المتهمين· لذلك صار الكل يلتزمون بالحذر الشديد بعد أن كثرت مثل تلك الحوادث التي صار يترأسها حتى بعض المتسولين المشعوذين أو كما يعرفون (بالقزانات) الذين كثرت سيناريوهاتهم على مستوى البيوت وعالجتها المحاكم في كم من مرة· مما أدى إلى تحلي الكل بالكثير من الحيطة والحذر وعدم فتح الأبواب واستقبال كل من هب ودب، لاسيما وأنه كثر الطرق على الأبواب من طرف أناس أغراب في السنوات الأخيرة فهذا يتسول والآخر يبيع وأخرى تطلب خبزا يابسا وغيرها من الأعذار، وقد تكون كلها أسباب لارتكاب جرائم شنيعة راح ضحيتها أصحاب الثقة العمياء، إلا أنه في الوقت الأخير وتبعا لما تعرضه أبواب المحاكم صار الكل يتخوف من الأغراب ولا يقدم أهل البيت على فتح الباب إلا بعد التأكد من هوية الطارق بعد إلقاء نظرة من العين السحرية التي صار وجودها أكثر من ضروري· ما أجمع عليه كل من ناقشنا معهم الموضوع وعبر كلهم أن الوقت الذي نعيشه غابت فيه الثقة خاصة مع الجرائم التي نسمعها هنا وهناك وصار الكل يزودون بيوتهم بالأبواب الخشبية، إضافة إلى الأبواب الحديدية بسبب الاعتداءات التي صارت البيوت عرضة لها وباتت مستهدفة كثيرا من طرف اللصوص·