أكد فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة، الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين، على ضرورة أن تكون قضية الإيمان ثابتة وأساسية في كل تفاصيل حياتنا، مشيراً إلى أنّ الله سبحانه وتعالى جبلَ الحياة على كثير من المخاطر والعقبات والعوائق، التي لا يمكن للإنسان أن يجتازها بثقة وأمل إلا إذا كان بداخله رصيدٌ قوي من الإيمان بالله· وقال إن الإيمان فقط من يستطيع أن يجيب على أسئلة العقل الوجودية بشكل حاسم، وهو أن الله تعالى وراء كل شيء، مشيراً إلى أنّ القرآن الكريم حفل بالأدلة العقلية ليقرر قضية الإيمان، حينما يلفت البسطاء بقوله (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)، أو يخاطب العلماء المتبحرين: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)· ولفت إلى أن الحديث عن مواقع النجوم يعني الإشارة إلى الأفلاك والمجرات وتفاصيل الحقائق العلمية المذهلة، مشيراً أن التعبير ب(مواقع) يثبت إعجاز القرآن الذي يلفت إلى حقيقة علمية مذهلة وهي أن ما نراه فقط هو ضوء لنجوم احترقت وفُنيت منذ آلاف السنين وليست النجوم ذاتها· ونبَّه فضيلته إلى أن العلم الصحيح هو الذي يرسّخ ويرشّد الإيمان في نفوس الناس، ومن ذلك مثلاً نظرية (النسبية) المشهورة لإنشتاين والتي جعلت علماء الفيزياء يقتنعون أكثر بقضية الخلود الأخروي وأنه أصبح متاحاً من الناحية العقلية· روحانية الإيمان وحذر فضيلته من أن يكون الإيمان بالله قضية عقلية بحتة، لأن الإيمان بالله أبعد من ذلك، مشيراً إلى خطورة أن تصبح قضية الإيمان بالله تعالى مسألة جدلية كما يحدث في المواقع والقنوات الفضائية بشأن قضية معينة يستدل كل طرف على الآخر بحجج وإشارات عقلية وهو ما يجب أن لا يتكرر في قضية الإيمان، على اعتبار أن الإيمان لا يجيب فقط على الأسئلة العقلية وإنما يجيب أيضاً على أسئلة الروح، لأن الإنسان ليس عقلاً فحسب، وإنما هناك جانب روحاني جاءت العبادة لتغذيه، بحيث يشعر الإنسان أن الله معه، وبقربه يحميه، يسدده، يعوضه، يستجيب له، يسامحه إذا أخطأ، وقد يؤاخذه إذا زل· ولفت إلى أن الإيمان هو المعنى الوحيد الذي يستطيع أن يحقق السعادة الحقيقية، ولذلك حينما قال سبحانه: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ* وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) أشار بعض أهل العلم إلى أَنَّ النَّعِيم أو الجحيم المقصودين في الآية الكريمة يكونان في الدنيا قبل الآخرة· ونبَّه د· العودة إلى ضرورة أن يستشعر الإنسان وجود الله تعالى معه، وجوداً حقيقياً، وليس نظرياً معزولاً، بأن يستشعر نعمة ربه في كل لحظة من حياته، حينما يأكل، أو يرى أولاده من حوله، أو حينما يشعر بحالة من الهمّ والغمّ فيعلم أنه لا يكشفها إلا الله سبحانه وتعالى· أسئلة الروح وأشار د· العودة إلى أن الشكوك، التي تنتاب بعض الشباب ولا يجد لها جواباً، تتراجع مع الوقت حتى تنتهي تماما، لأن الإيمان يترسّخ مع الوقت ويصبح أكثر عمقاً، لافتاً إلى أن القرآن الكريم كما يجيب على أسئلة العقل ويدل ويرشد إليها فإنه كذلك يتحدث عن أشواق القلب والروح· ولفت إلى أن من أعظم الأدلة الإلهية التي ترسخ قضية الإيمان حينما يخاطبنا الله سبحانه وتعالى الناس مباشرةً، أو يبين لنا خطابه لأنبياء سابقين أو مرسلين مثل قوله تعالى لموسى: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي* إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى)، مشيراً إلى أن هذا التعريف المباشر بالله سبحانه وتعالى هو معنى هائل وعظيم، ولم يسبق أن ادّعى أحد خلق السماوات والأرض، حتى الذين ادعوا الألوهية مثل فرعون أو غيره لم يقولوا بذلك، مشيراً إلى أن إخبار الله تعالى لنا بأنه خلق السموات والأرض أعظم دلائل الإيمان به عز وجل· قضية الشك وحذر من خطورة أن يدخل الإنسان لقضية الإيمان من باب الشك المطلق، لأن الإنسان حينما يقع في الشك قد لا يخرج منه، مشيراً إلى ضرورة أن يدخل الإنسان إلى قضية الإيمان من بابها الإيجابي، كدلائل وجود الحق وقدرته وغيرها من الأشياء التي تعزز الإيمان في نفوس الناس· وقال: إن القرآن الكريم يُسلّط عقولنا على الكون الفسيح الموجود أمامنا لنكتشف قوانينه ونواميسه حتى نستفيد منها، بما يخدم قضية الإيمان، مشيراً إلى أن الغربيين اكتشفوا النواميس وأخضعوا كثيراً منها للدراسة والبحث حتى توصلوا إلى معلومات مذهلة، كما فعل إنشتاين· * نبَّه فضيلته إلى أن العلم الصحيح هو الذي يرسّخ ويرشّد الإيمان في نفوس الناس، ومن ذلك مثلاً نظرية (النسبية) المشهورة لإنشتاين والتي جعلت علماء الفيزياء يقتنعون أكثر بقضية الخلود الأخروي وأنه أصبح متاحاً من الناحية العقلية·