عائلات تواجه رمضان في العراء بعد أن فقدت بيوتها بقرار طرد أو بانهيار مفاجئ وجدت عشرات العائلات في العاصمة نفسها مجبرة على قضاء شهر رمضان لهذا العام في العراء وسط الشارع بعيدا عن بيوتها التي تهدمت أو طردت منها بقرارات وصفت بالتعسفية والاستعجالية، فلا تعد ولا تحصى عدد الحالات التي صادفتنا بشوارع العاصمة، بعد أن دار عليها الزمان ولم تتوقع أفظع من أن تمضي شهر الرحمة في خيم على قارعة الشارع فأرادت (أخبار اليوم) أن تسلّط عليها الضوء في وقت تنعم فيه أغلب العائلات بفطور مريح في بيوت دافئة بالرحمة.. (لم نتوقع أن يحل علينا رمضان ونحن في الشارع)، عبارة موجعة واجهتنا بها إحدى العائلات بحي عمار علي في جامع اليهود في القصبة الوسطى والتي انهار بيتها بشكل كامل منذ أكثر من شهر، ورغم كل النداءات والشكاوى التي تقدمت بها الى السلطات المعنية خاصة منها بلدية القصبة ودائرة باب الوادي، ومن ثمة لجوئها الى وسائل الإعلام لإبلاغ معاناتها وصمت المسؤولين عنها، إلا أن الشارع لا يزال مصيرها الذي لم تجد أي مفر منه، فحتى حلول شهر الرحمة لم يأت بجديد على العائلات الستة بهذا الحي، فأثاثها الذي استطاعت إخراجه من البيت المنهار عن آخره، لا يزال في الشارع، والعائلات تشتت شملها في شهر تجتمع فيه كل العائلات الجزائرية حول مائدة واحدة، وهذا أكثر ما أبكى أفراد هذه العائلات خاصة الأمهات، فلقد عبرت لنا إحدى الأمهات عن مدى خيبتها من المسؤولين المحليين الذين لم يلتفتوا الى معاناتهم وتركوهم يواجهون مصيرهم لوحدهم بين جدران تنهار كل يوم وأفراد لم يعرفوا بعد الراحة وتناول الفطور بشكل عادي كباقي العائلات في العاصمة.. عائلة مشردة في الشارع منذ أكثر 9 أشهر من جهتها عائلة (ترفوس) ببئر مراد رايس لا تزال تصارع ويلات الشارع بعد أن طردت من منزلها خلال شهر نوفمبر الماضي، ولقد عاشت خلال هذه المدة كل ما يحمله الشارع من اضطهاد وظلم وحتى اعتداء في بعض الأحيان رغم أن أبناءها غاب عنهم النوم الليلي من أجل حراسة أغراضهم ومأواهم المتمثل في خيمة على قارعة الطريق.. فبعد أكثر من 27 سنة بالسكن في هذه البيوت الفوضوية وجدت حوالي 5 عائلات نفسها في الشارع وتفرقت ما بين عشية وضحاها، إلا عائلة ( ترفوس) التي لم تجد ملجأ آخر إلا الخيمة التي قامت بنصبها قرب منزلها المهدم عن آخره.. وفي حديثها ل(أخبار اليوم) لم تتوقع السيدة ترفوس أن تمضي كل هذه المدة في أحضان الشارع، والمرير في القضية هو شهر رمضان وحلاوته التي غابت عن عائلتها خلال هذه السنة وعلى غير العادة، ولظروف قاهرة وجدت نفسها مشتتة مع أبنائها الذين أصبحوا يبحثون عن لقمة يقتاتون عليها ثم العودة الى داخل الخيمة بجانب أغراض أتلفت العوالم الطبيعية من أمطار وحتى الحيوانات الضارة كالجرذان معظم أغراضها، فخسرت العائلة كل شيء يعد أن انتظرت تنفيذ وعود السلطات المحلية التي وعدتها بسكن في أول برنامج سكني تابع لولاية الجزائر، إلا أن الوضع كما تقول هذه العائلة أصبح غير محتمل، فالأمراض الجسدية والنفسية تركت أثارها بشكل كبير على هذه العائلة خاصة الأطفال والمراهقين الذين لا يستطيعون نسيان الظلم الذي استمر يطاردهم في بئر مراد رايس أكثر من 9 أشهر قابلة للتمديد.. عائلات تفطر في صحن واحد مع الموت مصير واحد ويوميات هي ذاتها ولو اختلف الأفراد أو المكان، فعشرات العائلات تواجه نفس المصير تحت بيوت فوضوية مهدمة توف بالأكواخ أو حتى بالحفر التي يمكن أن تنغلق في أية لحظة على من بداخلها.. هذه هي حياة العديد من العائلات في حي جاييس ييلوغين وكونتبات وبوسكون في بوزريعة، فالموت يحاصرهم من كل الجهات، بل أصبح فردا عاديا بينهم، فحتى فطور رمضان يحضره معهم، فرمضان في حي جاييس أو في البيوت الفوضوية في بوسكون أو كونتلات في بوزريعة ليس أبدا عاديا، فالعائلات تأكل وهي تخاف أن تردم تحت الأنقاض ولن يسمع بها أحد.. فلقد وجدت نفسها مجبرة على مواجهة هذا الموت المتربص بها، لغياب أي ملجأ آخر بعيدا عن هذه الكهوف والجحور التي من المحتمل أن تتحول في أية لحظة الى قبور لعشرات العائلات في هذه المناطق.. وحسب أحد السكان في حي جاييس في بولوغين، فإنهم انتظروا طويلا وعود السلطات المحلية، فمن بعد إجراء الانتخابات التشريعية الى قبيل شهر رمضان ثم حتى الآن الى ما بعد هذا الشهر، غير أن السكان غير واثقين من تنفيذ هذه لوعود التي ألفوها من طرف مسؤوليهم المحليين الذين تركوهم يمضون رمضان في هذه الظروف غير آبهين بمصير الموت تحت الأنقاض الذي يهدد عشرات العائلات في كل من بولوغين وبوزريعة..