تعرف هذه الأيّام الرمضانية المباركة منافسة كبيرة وصراعا قويا بين الدعاة والمشايخ تتّخذ من القنوات الدينية والمنوّعة ساحة لها، إذ ومع زمن التغيير في العالم العربي وتزامنا مع الثورات العربية ظهرت مجموعة كبيرة من الدعاة الشباب ممّن حجزوا أماكنهم في قلوب النّاس، كما حجزوا أماكن قارّة في البرامج الدينية، خاصّة في شهر رمضان المبارك حتى صار بعضهم يزاحم المشايخ الكبار ممّن عرفوا منذ سنوات خلت في عالم الدعوة، خاصّة وأن برامجهم جاءت هذه السنة معاصرة للأحداث، كما أنها تميّزت ببساطتها وسهولة مواضيعها وطرحها الذي يناسب الشباب كثيرا، خاصّة في رمضان. تنافست القنوات الدينية خاصّة على أهمّ البرامج الدينية التي يعدّها دعاة شباب، إذ تمكّنت كلّ قناة من الحصول على إمكانية عرض هذه البرامج لتفوز قناتا (الرسالة) و(اقرأ) بأكثر هذه البرامج التي تحقّق نجاحا ملحوظا في بداية شهر رمضان المبارك. إذ ذكرت إدارة قناة (الرسالة) في أكثر من مرّة أنها تراهن كثيرا على البرامج الشبابية من خلال إتاحة الفرصة للدعاة الجدد للظهور على شاشتها بغية تشجيع دخول الجيل الجديد إلى عالم الدعوة من الباب الواسع. كما أكّدت إدارة القناة أنها تساير أيضا زمن التغيير الذي يقوده الشباب من خلال دخولهم الواسع إلى عالم التكنولوجيا ومشاركتهم الفعّالة عبر قنوات الإعلام الجديد، الأمر الذي أكّدته قناة (اقرأ) أيضا في أكثر من مناسبة، إذ ذكرت إدارتها أن الدعوة إلى دين اللّه من خلال الالتزام بالأخلاق الفاضلة وحبّ التغيير ليس حكرا على المشايخ الكبار، بل يجب أن تتاح الفرصة للشباب لصنع أنفسهم وإيجاد مكان خاص بهم في هذا العالم الواسع. كان دخول الشباب إلى عالم الدعوة قد بدأ منذ سنوات مع الداعية المصري الأستاذ عمرو خالد الذي حقّق آنذاك نجاحا كبيرا ومعجبين كثر برسالته التي تميّزت بالبساطة وقوّة التأثير في نفس الوقت، لتليه أسماء كثيرة أصبحت اليوم من أشهر الأسماء من أمثال الأستاذ مصطفى حسني الذي بات يحقّق نجاحا كبيرا، خاصّة بمواضيعه الاجتماعية المغرية للشباب. ومن أهمّ البرامج الدعوية الشبابية لهذه السنة تلك التي ظهر من خلالها دعاة خليجيون، خاصّة من المملكة العربية السعودية وأيضا من اليمن، إذ نجد برنامج (على فكرة) للداعية السعودي الشابّ ماجد أيّوب من أبرزها، إذ يظهر الداعية الشابّ في حلّة بسيطة سهلة للمشاهد من خلال تناوله لموضوعات إسلامية معاصرة بطريقة سهلة وبسيطة. نفس الأمر نلمسه عند الداعية اليمني فيصل الكاف من خلال برنامجه (يا جمال النبي) الذي يصف فيه جمال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بطريقة رائعة وسهلة غير معقّدة ولا متكلّفة، وهو منهج الداعية السعودي مشاري الخراز الذي يظهر عبر شاشة (اقرأ) في برنامجه (أجمل نظرة في حياتك) الذي تميّز هو الآخر ببساطة أسلوبه. كما لم يقتصر ظهور الشباب في القنوات الدينية على الأفكار الدعوية، بل تجاوزها إلى تقديم الحصص رفقة مشايخ كبار كما في برنامج (تغريدة) على شاشة (الرسالة)، والذي يقدّمه الشابّان فراس بقنة وأحمد فتح الدين، والذي فتح فرصة للمشايخ للظهور عبر وسيط الإعلام الجديد (تويتر). ويرجع البعض نجاح هذه البرامج وأخرى إلى قصر مدّة عرضها ومناسبتها لنظام حياة الكثير من الشباب ممّن يفضّلون البرامج القصيرة التي تكون سهلة وبسيطة، إذ أن أغلب هذه البرامج لا تتجاوز مدّتها النّصف ساعة من الزمن يحاول فيها كلّ داعية إيصال أفكاره بأسلوب ممتنع، الأمر الذي يشجّعه العلماء والمشايخ الكبار حتى تستمرّ رسالة الإسلام إلى كلّ المسلمين وحتى أولئك الذين يحاولون التعرّف على الإسلام عبر شاشات التلفزيون.