بقلم: الدكتور جيلالي بوبكر * يظهر حرص الأمريكان وغيرهم في الغرب الأوربي الحديث والمعاصر على ضرب الإسلام والنيل من أهله بجلاء فيما يستخدمونه من وسائل وأساليب تقليدية ومتطورة سلمية وغير سلمية، ومن الأساليب التقليدية أسلوب التنصير، الذي تمارسه المؤسسات الدينية النصرانية، ليس فقط مع المسلمين في العالم بل في كل أنحاء المعمورة ومع جميع سكان الأرض، هذا الأسلوب يمثل العولمة الدينية التي تقوم بإعداد مخططات اختراق الإسلام والثقافة الإسلامية، وتعمل على نشر المعتقدات النصرانية التي تقول السح هو روح الله، وتعتبر الإسلام هو الديانة الوحيدة التي تناقض عقائد النصرانية، وهو حركة دينية معادية لكل تفكير ديني نصراني، ولكل مذهب من المذاهب المسيحية، وللأصول التي تقوم عليها هذه المذاهب، لأن الإسلام مخطط تخطيطا يفوق قدرة البشر في عقيدته وشريعته، وهو الوحيد القادر على الوقوف في وجه النصرانية والتغلب عليها، لذا لابد من تسخير كل الإمكانيات لإيقاف مدّه الذي غزى ومازال يغزو العالم، ومن وسائل التنصير في العالم إنشاء مؤسسات دينية نصرانية مثل المعاهد ومراكز البحث وعقد المؤتمرات والملتقيات والندوات لغرض تحديد طرق التنصير وتجديد أساليبه ودعمه ماديا وماليا وسياسيا، مثل إنشاء مركز صموئيل زويمر في الولاياتالمتحدةالأمريكية ليتخصص في إعداد وتأهيل المنصرين، وكان إنشاؤه تكريما للقس صموئيل زويمر الذي قضى ثلاثة وعشرين سنة من عمره يبشر بالمسيحية ويدعو إلى التنصير في شبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط، ومن المؤتمرات التي كان لها الدور الفعّال في النهوض بالتنصير وعصرنته مؤتمر كولورادو للنصرانية الذي انعقد في الولاياتالمتحدةالأمريكية راعي العولمة الدينية في سنة 1978، وكان الهدف منه اختراق الإسلام بالدرجة الأولى لأن الديانات الأخرى في العالم ليس بينها وبين النصرانية مشكلات فهي يسيرة الاختراق نظرا لضعفها وهشاشتها، أما الإسلام فهو عسير على الاختراق سواء كان أسلوب التعامل معه مباشرا أو غير مباشر، تقليدي أو عصراني، لذا لجأ دعاة التنصير إلى استعمال عدة أساليب، منها التنصير من خلال المرأة التي تُستغل لدى العامة من الناس من طرف المنصرين على أنّها مخلوق يختلط به الجن والشياطين ويمكن أن يُستغل هذا المخلوق وسيلة للوصول إلى المراد في الخير أو في الشر من خلال ما يتصل به من أرواح خفية خيّرة أو شريرة، والتنصير من خلال الاعتماد على جهات ما في العالم يختلط فيها الإسلام بالعديد من المعتقدات الوثنية، وبالكثير من الخرافات والأساطير والشعوذة وغيرها، مثل ما حصل وحاصل في جزيرة جاوة الإندونيسية أو ما يعرف بالإسلام الجاوي نسبة إلى الجزيرة، حيث تجري هناك ممارسات تعبدية نصرانية تشبه إلى حدّ بعيد أداء الشعائر الإسلامية مثل الجلوس على الأرض والسجود والركوع واختيار شهر رمضان للتعاطف مع المسلمين وغيرها من الممارسات، ومنها تدخل النصرانية وتتعايش مع الإسلام على أنّ تعاليمها تتقاطع مع تعاليم الإسلام، فينتقل المسلمون إلى النصرانية مادام لا فرق بين الديانتين، ويكون التنصير من خلال دور الأيتام ودور المسنين والعجزة والمرضى واستغلال ظروف الأطفال في الأحياء الفقيرة، فأصبح الجهل والفقر والشيخوخة واليتم والطفولة وغيرها، كل هذا أصبح نعمة على التنصير، ففي هذه الأوضاع يتنصر الناس ويكفرون بعقائدهم الأصلية، ويعدّها المنصرون انتصارا للمسحية على الإسلام وعلى غيره، فالكفر كما يُقال يقول للفقر إذا ذهب إلى بلد ما خذني معك. * ومن أساليب التنصير وهي قديمة استغلال الكوارث الطبيعية وانتهاز فرص ما تخلفه الكوارث من تشرد وضياع ودمار وخراب، مثل الزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير وغيرها، وتصبح لدى النصارى النقمة نعمة والضرر نفعا وشرّ الطبيعة خيرا على التنصير والنصرانية، إذ يتدخل المنصرون باسم الصليب الأحمر وغيره بإمداد المنكوبين والمتضررين بالمؤن وسائر المساعدات بيد وكتاب الإنجيل باليد الأخرى، وهو الأمر الذي يجري في إغاثة الجائعين واللاجئين فرارا من الحروب أو من القحط، وكذلك الأمر مع الحروب التي تديرها القوى الكبرى في العالم، فجنود الاحتلال الأمريكي والبريطاني والفرنسي في العراق وفي أفغانستان وحيثما نزلت نجد أفرادها يحملون السلاح بيد والإنجيل باليد الأخرى، وهو الفعل الذي يقوم به الصليب الأحمر في كل أنحاء العالم بمبرر مساعدة الضعفاء والمحتاجين والمرضى وضحايا الكوارث الطبيعية والإنسانية، وصار المنصرون ينتظرون هذه الكوارث بل يسعون إلى تفجير النزاعات والحروب لإحصاء عدد الأطفال المخطوفين والمهجرين ولإحصاء عدد المتنصرين الجدد، لأنّ الناس في الظروف الرخاء والأوضاع العادية لا يتأثرون بالنصرانية، خاصة وأنّ مبادئها لا تقوم على الاستقامة والصدق في الفكر والسلوك والأخلاق، وبالتحديد إذا ما قورنت مع الإسلام أو ناظرته، ولما كانت وسائل وسبل التنصير مكشوفة ومفضوحة وجهاتها معروفة، وبات حظرها أكيدا في البلاد الإسلامية لجأ المنصرون إلى استخدام العمالة الأجنبية وتدريبها وتأهيلها في مراكز متخصصة في ذلك، كمركز صمويل زويمر للقيام بالمهمة، والعمالة الأجنبية ذات الخبرة العلمية والفنية التي تحتاجها سائر بلدان العالم تقوم بمهمة التنصير في البلدان التي تعمل بها خاصة في بلاد المسلمين، وتتعدد أساليب التنصير لتشمل القرآن الكريم ذاته والثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي وغيره، تقوم محاولات اختراق القرآن من خلال استعمال ألفاظه ومصطلحاته وأساليب ترتيله وتجويده في قراءة الإنجيل، حتى يعتقد القارئ أو السامع المسلم أنّ هناك توافقا كبيرا بين القرآن والإنجيل، ولا يجد عائقا في احترام النصرانية، ويبدأ التحوّل التدرجي إلى أن يقع التحوّل الإيجابي وتحدث المعجزة النصرانية، يجري تزييف حقائق الإسلام والثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي من قراءتها ومزجها بتعاليم النصرانية ثم عرضها ممزوجة بالنصرانية فيتوهم المسلمون أنّها من الإسلام وهي لا علاقة لها به، مثل قراءة المنصرين للشعر العربي وللشعر في العصور الإسلامية وحفظه ثم مناقشته مع المسلمين ثم يقدمون الشعر منسوبا إلى النبي داوود عليه السلام، ومثل ذلك في إيهام الناس على أنّ النصرانية عقيدة توحيد مثلها مثل الإسلام، بالإضافة إلى دور الترجمة، حيث تُرجم الإنجيل في السنوات الأخيرة إلى أكثر من مائتين وخمسين لغة في العالم ترجمة جديدة، تُرجم إلى أكثر اللغات انتشارا في العالم.