يلجأ العديد من الأولياء إلى الاعتماد في طريقة تربيتهم لأبنائهم على اتباع أساليب منهجية يحرصون على تطبيقها منذ الأيام الأولى التي يتفطن فيه الطفل الصغير للمحيط الذي يعيش فيه، وتزداد أكثر عندما يبدأ الطفل في استيعاب الكلمات وفهم المعاني أي خلال مرحلة التقليد، لذا نجد العديد من الأولياء وخاصة منهم الأمهات اللواتي يحرصن على تقويم سلوك الطفل منذ البدايات الأولى، ولعل من بين الأساليب المتبعة نجدهن يلجأن إلى التركيز على رواية الحكايات الهادفة قبل النوم. تسعى الكثير من الأمهات في الآونة الأخيرة للمحافظة على ذلك الموروث التقليدي الذي تعرفه الأسر الجزائرية منذ القِدم حيث كان الطفل لا ينام إلا بعد سماعه لحكايات تسرد أحداثها من طرف أمه أو جدته، في الوقت الذي طغى الجانب التكنولوجي على جميع مناحي الحياة وحتى على عقول الأطفال الصغار وما له من تأثير سلبي على حياتهم في حالة إهماله. وببرج الكيفان قصدنا معرض الكتاب الذي لا يزال مستمرا إلى حد الساعة، ونحن نتجول في أجنحته، هناك لفت انتباهنا جناحٌ للكتب المدرسية حيث تم تخصيص إحدى الجهات لعرض أنواع كثيرة من القصص المتعلقة بالأطفال من مختلف الأعمار بأشكال مميزة وألوان ملفتة للانتباه تجلب أنظار المار من هناك وخاصة الأطفال الصغار الذين التفوا حول تلك الرفوف لاختيار ما يعجبهم من حكايات مشوقة تتضمن عبراً قيمة وهادفة إلى توعية الفكر من خلال تلك الرسالة الموجهة في مضمون القصة. وفي هذا السياق ارتأينا أن نقترب أكثر من المكان لطرح بعض الأسئلة على هؤلاء الباعة بالمعرض، حيث رحب بنا السيد (حسام) في جناحه الخاص وقال: (الحكايات المجسدة في هذه القصص هادفة ولا يمكننا أن ننكر فضل الحكايات التي ظلت فنا عريقا رائجا في الجزائر، فأنا شخصيا لا أظن أنه يوجد أي شخص لم يستمع إلى كلمة (حاجيتك ما جيتك) في صغره أو نقله لأبنائه التي تروي وقائع لزمن ماض قد تكون حقيقية أو خيالية تصب في مضمون واحد يشمل العديد من المواعظ والحكم). وفي نفس المكان أفادتنا السيدة (مليكة) طبيبة نفسانية كانت تجوب المكان رفقة أبنائها (عماد) و(أمين) بقولها: للقصة أو الحكاية وقع كبير على الطفل لأن سماعه لحكاية معينة يبقى حاجة نفسية وذهنية، كما أنصح بضرورة أن نقرأ قصصا للطفل قبل خلوده للنوم، الأمر الذي يوسع من مخيلة الطفل لتبقى القصة راسخة في ذهنه، تتبسم السيدة مليكة وتواصل: (من منا لم يسمع بحكاية جحا أو الغول أو قصة ليلى والذئب، لذا أنبه إلى ضرورة قراءة القصة للطفل حتى تترسخ ونحاول إثارة إحساسه من خلال التفاعل مع أحداثها فعادة ما يشتري الطفل قصصا ولكن لا يقرأها ولكن للكلمة وقعا خاصا). أما في الوقت الحالي فقد اختفت الحكايات القديمة وأصبحت في خبر كان بالنسبة للكثيرين فالكثير من الناس يرون أنها تجاوزت الزمن ولا تصلح للأطفال خاصة أمام التطور التكنولوجي في العالم، وهناك من يرى أنها تبث الخوف في نفوس الأطفال في الوقت الذي لا يزال الأخصائيون يؤكدون على دور القصة في تنمية القدرات العقلية للطفل بالإضافة إلى تأثير تلك المعاني التي تحملها على الجانب السلوكي.