أكدت تقارير إعلامية استمرار القتال الضاري بين قوات الجيش اليمني ومسلحين تابعين لتنظيم القاعدة في مديرية "لودر" بمحافظة أبين الجنوبية، وذلك لليوم الخامس على التوالي، مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من قوات الجيش وعناصر التنظيم. وأشارت تلك التقارير إلى أن سكان مدينة "لودر" والذين يقدر عددهم بأكثر من 80 ألف نسمة، نزحوا عنها جميعا إلى المدن المجاورة، ووصف شهود عيان لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية الصادرة في لندن أمس الثلاثاء، المدينة التي يتحصن فيها مسلحو القاعدة ويحاصرها الجيش اليمني بأنها باتت تشبه "مدينة الأشباح"، حيث لا يوجد فيها أحد سوى المسلحين الذين يتحصنون في منازلها وأسواقها. يأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه مصدر أمني يمني بمحافظة أبين، أن أجهزة الأمن مصممة على كسر ظهر تنظيم القاعدة في المديرية وتطهيرها من عناصر التنظيم التي اتخذت من هذه المنطقة مأوى لها. وشدد المصدر على أن أجهزة الأمن "لن تسمح لعناصر القاعدة أو أية عناصر تخريبية متحالفة معها بجعل المنطقة بؤرة للأعمال الإرهابية والتخريبية, مؤكدا بان المنطقة لن تكون إلا مصيدة سهلة لمثل هذه العناصر أو لكل من يفكر منها الوصول إلى مدينة لودر لنجدة زملائهم الإرهابيين المحاصرين منذ أيام من قبل قوات الأمن والجيش هناك". ونقل موقع "المؤتمر. نت" الالكتروني عن المصدر تحذيره لتلك العناصر، قائلا: "إن أية عناصر ستفكر في ذلك فإنها ستلقى نفس المصير المحتوم الذي لقيه زملاؤهم من العناصر الإرهابية خلال المواجهات التي جرت معها خلال الأيام الماضية, ولقنتهم أجهزة الأمن ومعها أبطال القوات المسلحة بالتعاون مع المواطنين الشرفاء درساً لن ينسوه, حيث تم القبض واستسلام عدد منهم ولقي نحو 18 إرهابيا منهم مصرعهم في اشتباك مع الأجهزة الأمنية بمدينة لودر, وحيث كانوا يتمترسون في عدد من المنازل بالمدينة". وعثرت الأجهزة الأمنية في تلك المنازل على عدد من قذائف ال"آربي جي" والأسلحة والذخائر والقنابل، وأكد المصدر بأن الوحدات الأمنية والعسكرية ستواصل حصارها المفروض على العناصر الإرهابية، ومواصلة مداهمتها لأوكارها. كان قائد أمن محافظة أبين، العميد عبد الرزاق المروني، كشف في تصريحات لصحيفة "عكاظ" السعوديسة الاثنين، عن وجود حملة أمنية وعسكرية ضخمة مزودة بأسلحة ثقيلة تحكم حصارها منذ الجمعة على أوكار عناصر القاعدة في مديرية لودر، حيث يتحصن ما لا يقل عن 60 من أفراد التنظيم، بينهم أكثر من خمسة سعوديين على الأقل. ولفت المروني إلى أن العناصر المحاصرة استخدمت منازل لمواطنين يمنيين في مديرية لودر، بينما وضعت المواطنين أنفسهم دروعا بشرية، وهو ما أبطأ ساعة الحسم. وأوضح أن حصيلة قتلى الأمن والجيش خلال الأيام الماضية قد بلغت 13 من عناصر الأمن فيما سقط سبعة من عناصر القاعدة إلى جانب بعض المدنيين الأبرياء وعشرات الإصابات جراء المواجهات بين القوات الحكومية وعناصر التنظيم. وكشف قائد أمن محافظة أبين عن مقتل قيادي سعودي في تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" خلال المواجهات المسلحة التي شهدتها المدينة، رافضا الإدلاء بأي تفاصيل عن هوية القيادي السعودي، غير أنه اكتفى بالتأكيد على أنه قيادي مهم وبارز في تنظيم القاعدة باليمن، وأنه سقط ضمن سبعة هاجموا قوى الجيش في أبين، بينهم يمني يدعى أحمد الدراديش، وهو قيادي في التنظيم المذكور. وأشار المروني إلى أن القيادي السعودي القتيل كان من ضمن السبعة الذين هاجموا المدرعة العسكرية، لكنه لم يؤكد أو ينف ما إذا كان القيادي المهم هو الرجل الثاني في تنظيم القاعدة اليمني سعيد الشهري. وكانت مصادر رسمية يمنية ذكرت إن أحد قادة التنظيم ويدعى عادل صالح حردبة ويبلغ من العمر 27 عاما ويحمل الجنسية السعودية، قتل في المواجهات. وتحدثت المصادر عن مشاركة أجانب يحملون الجنسيتين السعودية والباكستانية، في المواجهات ضد القوات الحكومية. في غضون ذلك، أمرت وزارة الداخلية اليمنية بملاحقة جرحى عناصر تنظيم القاعدة والذين تم نقلهم من "لودر" إلى مستشفيات طبية في مكيراس وشبوة، مؤكدة على أهمية فرض رقابة على المستشفيات في المحافظات المجاورة لضبط المصابين من العناصر الإرهابية التي ينقلون إليها لتلقي العلاج. وقالت "الداخلية": "إن المعلومات أكدت إصابة العديد من عناصر الإرهاب خلال المواجهة مع الأجهزة الأمنية بمديرية "لودر"، موضحة بأنها الأوامر صدرت للأجهزة الأمنية في محافظة أبين وفي المحافظات المجاورة لها، بضبط المصابين من العناصر الإرهابية المتواجدين في المستشفيات ووضعهم تحت الحراسة المشددة إلى أن ينتهي علاجُهم". وأكدت الوزارة أن "العناصر الإرهابية تعاني من حالة انهيار في ظل الضربات القاسية والموجعة التي تلقتها من الأجهزة الأمنية في لودر، وأن أعداداً كبيرة منهم واقعون تحت الحصار المفروض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية ويجري التعامل معهم لإجبارهم على تسليم أنفسهم للأجهزة الأمنية". نفوذ "القاعدة" في اليمن وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية كشفت في عددها الصادر الاثنين، عن ان نفوذ تنظيم القاعدة في اليمن يزداد بشكل كبير، وان عناصره باتوا يتغلغلون بين القوى الأمنية اليمنية. وذكرت الصحيفة في تقرير لها أن "التنظيم يوفر بيئة ملائمة للملتحقين الجدد في اليمن، حيث يزودهم ببرامج دراسة العقيدة الجهادية ل"القاعدة" والاستماع إلى منظري التنظيم بمن فيهم أنور العولقي رجل الدين اليمني المتشدد والمطلوب في الولاياتالمتحدة التي يحمل جنسيتها". وعن الاسباب التي قادت الى زيادة نفوذ القاعدة في اليمن، تقول الصحيفة "ربما يرجع الامر الى دعم حكومي حصل عليه التنظيم في بعض المراحل، حيث استفادوا بداية من الهزيمة التي ألحقها النظام اليمني بالاشتراكيين في الجنوب في تسعينيات القرن الماضي، وهي شجعتهم على دخول مناطق الاشتراكيين وبسط نفوذهم فيها". ونقلت الصحيفة عن أحد المسلحين ،دون الكشف عن اسمه، قوله انه تلقى ورفاقه وعودا من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بتطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة دولة إسلامية، وهو ما فسر تشكيل المقاتلين وحدات عسكرية خاصة بها تعمل بأمرة الجيش اليمني وتدعمه في القتال، لكن المسلح يقول إن الرئيس أخل بوعده. ونقلت الصحيفة أيضا عن رجل يدعى فيصل وهو اشتراكي سابق يعارض القاعدة قوله "لا تصدق الحكومة حين تقول إنها تحارب الجهاديين، الحكومة تمولهم وتفاوضهم وتستخدمهم لتقاتل أعداءها، وثم تقول للأمريكيين: موِّلونا لكي نحارب القاعد. إنها مهزلة". وينشط تنظيم القاعدة في محافظة ابين. ويعتبر جنوب اليمن، الذي كان دولة مستقلة قبل العام 1990، مركزا لحركة احتجاجية مدعومة من الحراك الجنوبي، وهو تحالف يدعو بعض مكوناته الى الفدرالية، فيما يطالب البعض الأخر بالعودة الى دولة اليمن الجنوبي. العولقي يتوعد أمريكا في هذه الأثناء، توعد رجل الدين، أنور العولقي، الأمريكي الجنسية والمنحدر من أصول يمنية بقتال أمريكا حتى آخر عنصر من "تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" الذي يتخذ من اليمن منطلقا له. وقال العولقي، المتهم بتمويل الإرهاب من قبل الإدارة الأمريكية، في بيان على موقع "صدى الملاحم": "سنستمر في القتال ضد أمريكا، حتى يقاتل آخر فرد من أفراد القاعدة المسيح الدجال". واتهم الحكومة اليمنية بالتواطؤ وتقديم التسهيلات للطائرات الأمريكية التي قصفت احد أعضاء القاعدة المدعو الكلوي وأربعة من مرافقيه بصواريخ كروز والقنابل العنقودية. وتوعد العولقي، أمريكا وحلفاءها بالثأر لقتلى القاعدة، وخص بالذكر الحكومة اليمنية، التي وصفها ب"حكومة المرتد الأسود العنسي". ونقلت صحيفة "القدس العربي" اللندنية عن العولقي: "نقول لجنود الرئيس المرتد بأنه ليس بيننا وبينكم إلا الدم، وقطع الرؤوس، ما دمتم عسكرا وجنودا لذلك الطاغوت وسترون ذلك عياناً".