** هل يمكن للمسلم أن يطلب الحج بغرض الراحة النفسية، إذا كانت هناك ضغوط نفسية ومعاناة معينة (فيما إذا كان قد أدى الفريضة من قبل)؟ * يقول الشيخ يوسف القرضاوي مجيباً عن هذا السؤال: لا مانع أن يذهب المسلم - أو المسلمة - إلى الحج أو العمرة، طلباً لسكينة النفس، وطمأنينة القلب، وخصوصا إذا أصابته في حياته متاعب والآلام ضاق بها صدرُه، وناء بها ظهرُه، ولكن مع نية الإمتثال لله سبحانه وتعالى، فالمفروض أن الحج هجرة في سبيل الله تعالى، والإنسان يستجيب لأمر اللّه تعالى، ونداء إبراهيم (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم) فيجعل هذه ضمن المنافع، فالمنافع ليست مقصورة على المنافع المادية أو التجارية، بل هذه تعتبر من المنافع النفسية، انشراح الصدر وطمأنينة القلب عندما يرى الإنسان البيت الحرام، عندما يرى المسلمين من كل أنحاء العالم، عندما يرى هذا الموسم العظيم، لكن على الإنسان أن يجعل غايته إرضاء اللّه سبحانه وتعالى، ثم هذه المكاسب تأتي تباعا، مثل الذي يريد أن يتاجر في الحج، فلا مانع أن يقصد الراحة النفسية والمتعة الروحية، وليس هذا ممنوعا، لكن هذا يكون مع قضية الإمتثال لله سبحانه وتعالى، وابتغاء مرضاته، حتى يتحقق التعبد لله جل جلاله. أي أن الإمتثال والتعبد غاية للحج، والسكينة والراحة النفسية ثمرة له. وبالله التوفيق. هل يجوز الاستدانة للحج؟ ** فضيلة الدكتور: ما دمتَ قد تحدثت عن النفقة، هناك بعض الحجاج ربما لا يملكون نفقة الحج الآن، ولكنهم يعملون ولديهم موارد معينة، فهل يمكن أن يستدين نفقة الحج على أن يسددها بعد ذلك؟ * له أن يفعل ذلك، ولكن لم يكلفه الله ذلك، اللّه لم يكلف الإنسان الاستدانة للحج، لأن الدين همٌّ بالليل ومذلة بالنهار، والنبي صلى اللّه عليه وسلم علم بعض أصحابه أن يستعيذ بالله من غلبة الدين وقهر الرجال، وكان يستعيذ بالله من المأثم والغرم (المغرم الاستدانة)، قالوا: يا رسول اللّه ما أكثر ما تستعيذ من المغرم! قال: (إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف) -حديث البخاري)، من أجل هذا لا يُندب للمسلم أن يُدخل نفسه ويسجنها في الدين، لكن لو فعل ذلك لأن أمامه فرصة قد لا تتاح له ثانية وهناك ظروف أمامه وهو مطمئن إلى من عنده موارد ستجعله قادرا على الوفاء بدينه، لم يكن عليه حرج، وإن لم يكن واثقا فلا. موانع قانونية للحج قبل الأربعين ** نحن شباب من رومانيا نتوق شوقا للذهاب إلى الحج، لكن في بلادنا لا يسمحون لنا بأن نذهب إلا بعد أن يتجاوز عمر الشخص 40 سنة فما فوق، فماذا نعمل؟ * هذا يُعتبر عذرا مانعا لمن يريد أن يحج، لأنه أمر لا يملك تغييره: ولعل هذا تغيَّر بعد زوال الحكم الشيوعي عن رومانيا، ولقد بيَّنا أنه لا يجب الحج على الشخص إلا إذا توافرت الشروط وانتفت الموانع، فهذا مانع، مثل بعض البلاد التي لا يجوز له أن يخرج إلى الحج إلا بالقرعة، ولم تأتِ القرعة في صفه، فإن استطاع أن يتغلب على هذا المانع بوسيلة أو بأخرى فليحاول، وإذا لم يتمكن فهو مكره على هذا ولا يكلف اللّه نفسا إلا وسعها. أجر الحاج على نفقة غيره ** نسأل عن بعض الناس الصالحين والذين يقومون بتحجيج بعض العباد على نفقتهم تكرما منهم وتفضلا على الذين لا يستطيعون القيام بفريضة الحج، فما هو نصيب الحاج نفسه من هذه الحجة والتي تمت على نفقة غيره؟ * لهذا الحاج ثواب الحج إن شاء اللّه، ولكن ليس مثل الشخص الذي حج من ماله، الذي حج من ماله ثوابه أكثر، لأنه أدى عبادة الحج بوجهيها البدني والمالي، بخلاف من حج من مال الغير، فقد أدى عبادة الحج بوجهها البدني فقط، فثوابه مشترك بينه وبين الأخ الذي حج على نفقته، فهذا الأخير مأجورٌ عند اللّه عز وجل، وحجه صحيح وحجه مقبول. وأوصي من أدى الفريضة ألا يزاحم من لم يؤدُّوها، ويذهب المتطوع على نفقة هؤلاء، فيأخذ مكان آخر هو أحق بالحج منه. بل يجب عليه أن يدَع مكانه لمن لم يؤدِّ الفرض، فإذا عدم هذا، فلا حرج عليه أن يذهب للحج على نفقتهم، ما لم يشترطوا أن يكون الشخص لم يحج قبل ذلك. والله أعلم.