شهد الرّواق الأخضر لميناء الجزائر مؤخّرا فضيحة من العيار الثقيل، حين تمّ العثور على كمّيات هامّة من المخدّرات مخبّأة في أغلفة علب حليب استفادت من التمرير الأوّلي في مخازن الديوان المهني للحليب، هذه الفضيحة ليست سوى نموذجا عن المئات من قضايا الفساد التي باتت تُغرق الموانئ الجزائرية. تغرق العديد من موانئ البلاد في فضائح فساد (تزكم روائحها الأنوف)، فضائح يتورّط فيها المستوردون وعشرات الجمركيين، وهو ما لم ينكره المدير العام للجمارك الذي كشف أنه تمّ (تجميد نشاط) قرابة ال 300 مستورد خلال السنة الماضية، كما تمّت متابعة عدد من الجمركيين قضائيا بسبب ضلوعهم في ممارسات مشبوهة. المدير العام للجمارك محمد عبدو بودربالة قال يوم الخميس بالجزائر العاصمة إن الجمارك الجزائرية أوقفت نشاط 292 متعامل اقتصادي بسبب الغشّ ومنعوهم من القيام بعمليات الاستيراد. وأوضح بودربالة خلال ندوة صحفية أن هذا الرّقم عرف انخفاضا مقارنة بسنة 2011، حيث تمّ توقيف نشاط 399 متعامل. وحسب الأرقام التي قدّمها ذات المسؤول فإن بنك الجزائر جمّد هو الآخر رصيد ثلاثة متعاملين فقط في 2012 مقابل 41 متعاملا في 2011. ومن بين المخالفات التي ارتكبها هؤلاء المتعاملون الزيادة أو التخفيض في القيمة والتصريحات الكاذبة عن الأموال وتحويل الامتيازات الجبائية واستعمال وثائق مزوّرة. وأكّد السيّد بودربالة الذي كشف خلال هذه الندوة الصحفية عن المحاور الكبرى لبرنامجه الخاص بالإصلاحات أنه سيتمّ تعزيز جهود الرقابة الداخلية، وقال إن (كلّ مسؤول عن الجمارك ملزم بممارسة هذه الرقابة الداخلية). في ذات السياق، أشار المتحدّث إلى أن الإدارة الجمركية تابعت قضائيا بتهمة الغشّ 19 عونا جمركيا متورّطين في قضايا الغشّ في 2012، لكنه قلّل من أهمّية هذه الظاهرة داخل مؤسسته، موضّحا أنها في تراجع مقارنة مع السنوات الفارطة، حيث قامت إدارة الجمارك في 2006 بمتابعة 63 عونا جمركيا قضائيا بتهمة الغشّ. وكان السيّد بودربالة قد أشار في مطلع سنة 2012 إلى تسجيل حوالي 30 حالة تسريح على مستوى مصالح الجمارك في 2011 بسبب تورّطهم في قضايا متعلّقة بالغشّ والرّشوة. وقصد ضمان مكافحة أمثل لهذه الظاهرة قامت المديرية العامّة للجمارك بإنشاء 4 مفتشيات جهوية يمكنها التدخّل في قضايا الرّشوة. ولدى تطرّقه إلى تعزيز الرقابة الجمركية على مستوى الحدود ذكر المسؤول أن المديرية العامّة للجمارك تعتزم إنشاء 83 مركز مراقبة، من بينها ستّة أصبحت عملية على مستوى الحدود الغربية للبلاد. من جهة أخرى، أعلن المدير العام للجمارك أنه سيتمّ تسليم الاعتمادات الأولى للمتعامل الاقتصادي المعتمد، وهو ترتيب جدّ منتظر كونه سيسهّل عمليات التخليص الجمركي بالنّسبة للمؤسسات الاقتصادية يوم 26 جانفي المقبل، مشيرا إلى أنه سيتمّ اعتماد نحو 20 مؤسسة عمومية وخاصّة تنشط في الإنتاج كمتعامل اقتصادي معتمد من قِبل المديرية العامّة للجمارك يوم 26 جانفي. وأوضح السيّد بودربالة أن هؤلاء المتعاملين سيستفيدون من مزايا (الرّواق الأخضر) وهو ترتيب يمنح التمرير الأوّلي لسلعهم المستوردة مع التخليص الجمركي البعدي، وقال إن هذه التسهيلات الجمركية لا تستبعد المراقبة غير المتوقّعة بالموقع. وقد سجّل هذا الترتيب الذي كان مقرّرا في مارس 2012 تأخيرا في تطبيقه. وعلى صعيد آخر، ارتفعت المداخيل الجمركية التي تمثّل الحقوق والرّسوم المفروضة التي يتمّ تحصيلها من طرف مصالح المديرية العامّة للجمارك إلى 780 مليار دينار سنة 2012 مقابل 570 مليار دينار في 2011.