التوعية الصيدلانية هي أن يعرف المريض أو المستهلك ما يهمه عن الدواء والعلاج الذي يستخدمه للمعالجة من أي مرض، ومتى ومن وكيف يستخدمه، وتظهر أهميتها لأن العلاقة بين المريض والمرض هي الدواء، لذا يحتاج الناس لتلك التوعية بشدة، على الأقل لمنع المعالجة بصورة خاطئة. وقد نعاني أحياناً من بعض الناس الذين يهوون الإفتاء وكأنهم يعرفون كل شيء عن أي شيء، فقد تجده أحيانا سياسياً محنكاً، أو حكم مباريات دولي، أو مستشاراً قانونياً، أو طبيباً أو صيدلانياً وهو قد لا يفقه في أي من تلك المجالات شيئاً إلا اليسير. وسأذكر لكم بعض السلبيات الموجودة فى مجتمعاتنا والتي تظهر فيها الحاجة الماسة لتلك التوعية: طب الجيران وهو قد تفشى كثيراً وخصوصاً فى المجتمعات الأقل في مستوى المعيشة، فقد تجد طفلاً مريضاً، فتشكو أمه لجارتها مرض ابنها، فتصف لها جارتها دواء قد تداوى به ابنها الذي ظهرت عليه أعراض مشابهة من قبل، فتأخذه الأم لابنها وهي لاتعلم أنه قد تتشابه أعراض بعض الأمراض ولكن تختلف طريقة العلاج والدواء، وبالطبع يتم هذا دون أخذ رأي الطبيب أو الصيدلي أو كلاهما. طب الأعشاب والطب البديل مصطلحان جديدان ظهرا تلك الأيام تزامناً مع زيادة الأمراض المنتشرة والدعوة للعودة مرة أخرى للعلاج من الطبيعة، مما فتح الباب على مصراعيه لكل من عرف اليسير من المعلومات الطبية للتحدث في هذا الشأن، وقد يؤدي به أحياناً كثيرة للإفتاء بغير علم كما ذكرنا، دون بناء تلك المعلومات على مصادر علمية أوفارماكولوجية، وقد يؤدي ذلك ببالغ الضرر لدى المريض- بالاستخدام على المدى البعيد - والذى يكون في وضع الغريق المتشبث بالقشة، ولا يعلم أن تلكم القشة هي التي ستقصم حتماً ظهر البعير. المضادات الحيوية وتعد من أخطر أنواع الأدوية إذا لم يتم التعامل معها بحرص وباهتمام شديدين، فعند تعاطي المريض للمضاد الحيوي ويشعر بالتحسن التدريجي يتوقف عن إكمال الجرعة الموصوفة له من هذا المضاد الحيوي، ولا يعلم أن الميكروب حدث له بعض الضعف فقط ولم يتم التخلص منه نهائياً، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إعادة نشاط هذا الميكروب وقد يستعيد نشاطه ويصبح أقوى مما كان حتى يقاوم هذا المضاد، فيضطر المريض لتناول مضاد حيوى أقوى مرة أخرى، وقد يكرر المريض نفس الخطأ وتدور الدائرة معه، ولو كان يعلم الخير لالتزم من أول الأمر وما مسه السوء. الحفظ والتخزين ونتحدث هنا عن الحفظ والتخزين بواسطة المريض نفسه للدواء، فقد لا يهتم المريض بتخزين الدواء فى الظروف الملائمة له، أو قد يقوم بفتح المستحضرات الصيدلانية السائلة خصوصاً ويستخدمها لفترة ثم يعود لاستخدامها بعد فترة طويلة معتقداً بأن مازال للدواء التأثير والفاعلية حتى انتهاء تاريخ الصلاحية المسجل على العبوة، ولا يعلم أنه هناك فترة صلاحية أخرى بعد فتح العبوة نتيجة تعرضها للهواء الجوي بما يحمله من ميكروبات أو أن يتعرض للأكسدة، وللعلم أن فترات الصلاحية للمستحضرات الصيدلانية السائلة تسير على النحو التالى: أ * - قطرت العين والأذن: من 8 إلى10 أيام من يوم فتح العبوة. ب * - المضادات الحيوية: من 10 إلى 12 يوماً من يوم فتح العبوة. ج - المعلقات: من 15 إلى 20 يوماً من يوم فتح العبوة والتخفيف بالماء. د - الأدوية السائلة: من حوالي 6 إلى 8 أشهر. الاستخدام المخالف وهنا يقوم الشخص باستخدام الدواء ليس للحصول على تأثيره المخصص له، بل للحصول على أثر جانبي له قد لا يفيد المريض، فعلى سبيل المثال هناك العديد من أدوية السعال تستخدم الكحول كمذيب مساعد لها، والكثير يعرف تأثير الكحول على الجهاز العصبي المركزى وما يسببه من حالات اللاوعي، إلى جانب تأثيره على جدار المعدة ووظائف الكبد والكلى وإليكم صورة توضح لكم أثرها على مخ الرضع في عمر 6 أشهر والفرق الكبير بين المخ الطبيعي والمخ المتعرض لتأثير الكحول. وهناك أيضاً بعض قطرات العين تستخدم مع الأقراص المخدرة لعمل خليط جيد لإذهاب وتغييب العقل تماماً، وقد يؤدي كثرة استخدام هذا الأسلوب إلى أضرار بالغة وبعيدة المدى على هذا الشخص، وقد يحتاج الطلبة الدارسون أيضاً لهذا الوعي وخصوصاً أثناء تعاملهم مع الأدوية. الاستخدام الخاطئ وهنا يظهر عدم دراية المريض بكيفية استخدام المستحضر الصيدلاني الموصوف له، فلا عجب إن وجدت مريضا يقول لك إن الدواء الذي أخذته كان فعالاً ولكنه كان سيء الطعم كما أنه ذاب في الفم سريعاً، لأنه وببساطة شديدة قد أخذ لبوساً في فمه، ولا يعلم أنه من المفترض أن اللبوسات والأقماع تؤخذ عن طريق الشرج أو المهبل للسيدات. وأيضاً قد يستخدم المستحضرات المخصصة للاستعمال الخارجي عن طريق الفم أو العكس، لذا يجب على الصيدلي توعية المريض بكيفية استخدام هذا المستحضر مهما كانت ثقافة المريض. العلاج الذاتي عندما يصاب المريض بأي أعراض طفيفة يقوم بمعالجة نفسه بنفسه عن طريق أخذ أي دواء يجده أمامه، فلا مانع أن يأخذ أقراصا تعالج ضغط الدم المرتفع وهو مريض بالبرد العام، فالمريض لا ينظر ولا يهتم إلى ما يعالجه الدواء، كل ما يشغل باله آنذاك هو أن يتعاطى دواء مهما كان، ولا يهتم بالآثار المترتبة على فعلته تلك. التداخلات الدوائية وهي من أخطر الأشياء التي من الممكن أن يتعرض لها المريض، كما أنها تحدث متخفية دون أن يبدو أن هناك أمراً ما سيحدث، فالمريض عندما يأخذ دواء لمرض ما، ودواء آخر لعلاج مرض آخر قد يقوم بتعاطي الدوائين معاً ولا يعلم أنه من الممكن أن يتسبب تداخل الدواءين في حدوث أي مما يأتي: إما أن يتسبب كلا منهما فى إلغاء تأثير الآخر، وإما أن يتسبب في تكوين مواد أخرى لها تأثير ضار على المريض، وقد يتطور الأمر إلى نتاجات مميتة، أو أن يتفاعل هذا الدواء مع الطعام أو الشراب، فعلى سبيل المثال الأسبرين لا يؤخذ مع عصير الليمون أو البرتقال نظراً لأن كلاهما يحتويا على حمض الأسكوربيك والسيتريك والذان يتفاعلان مع الأسبرين وبالتالي لا يظهر تأثير الأسبرين، هذا ما يحدث عندما يصاب المريض بالبرد مثلاً فيحتاج للمسكنات وخوافض الحرارة، ومع أن كل منهم له تأثيره الإيجابي في علاج تلك الأعراض، ولكن ليس سوياً في نفس الوقت يتم العلاج بهم، ناهيكم عن الكثير والكثير من باقي تلك الأمثلة والتي أتمنى ألا يتعرض لها أحد، وهنا يظهر دور الصيدلي في أداء مهمته بتوعية المريض بمثل تلك الأشياء. * عن مجموعة (أملي الجنة) الإسلامية