(اللي حبو ربي ما يتلاحش بين قابلات مستشفى الشرفة).. بهذه العبارة استقبلتنا إحدى المريضات من بين اللواتي عانين الأمرين بهذه المصلحة التي باتت هاجس مئات النسوة اللواتي داهمهن المخاض وكانت المحطة هذا المستشفى الذي اشتهر في السنوات الأخيرة باسم (الباتوار) نظرا للمعاملة القاسية والمعاناة التي تتعرضن لها، فضلا عن رفضهن استقبال تلك الفئة الأمر الذي يجبر الكثير من الأزواج على اللجوء إلى العيادات الخاصة التي لا تناسب كل الفئات الاجتماعية. هذا ما حدث مع عائلة (بن زكري. ب) التي جالت وصالت بين المستشفيات بدءا من مستشفى تنس ثم الشطية حيث رفضت زوجة هذا الأخير التي كانت على وشك الوضع رغم حالتها الحرجة بعدما داهمها المخاض دون أي حجة مقنعة. تقول السيدة (العالية. ب) إنها كانت في حالة يرثى لها تتلوى من الألم والوجع يوم الجمعة مساءً حيث كانت عقارب الساعة الخامسة والنصف مساء، فقام زوجها بأخذها إلى مستشفى تنس رفض استقبالها دون أي مبرر، ثم مشفى الشطية حيث قامت إحدى القابلات بمعاينتها وفحصها ثم أخبرتها أن موعد الوضع لم يحن بعد فعاد بها إلى البيت علما أن مقر سكناها بعيد جدا قرابة 37 كلم عن المستشفى حسب هذه الأخيرة، ورغم ذلك لم يصدر قرار بمكوثها بذات المصلحة، ناهيك عن الحالة المستعصية التي كانت تصارعها، لكن لم تمكث فترة حتى عاودتها الألام في حدود الساعة الثامنة والنصف مما استدعى إعادتها إلى المستشفى لتفاجأ هناك برفض القابلات استقبالها وإصرارهن على أن الولادة متعسرة ولم يحن موعدُها وماعليها إلا معاودة أدراجها، فبقيت تصارع الآلام، وأمام رفض هذا المستشفى التكفل بها قام زوجها بأخذها إلى مستشفى الشرفة والذي بدوره رفض استقبالها، ولم تكلف القابلات حسبها أنفسهن حتى للحديث معها أو فحصها. ونتيجة هذه المعاملة غير اللائقة تعرضت المرأة إلى ارتفاع ضغطها الذي كاد يودي بحياتها بسبب تلك التصرفات غير الإنسانية على الإطلاق، ليتدخل زوجها الذي كاد أن يفقد صوابه إزاء تلك المعاملة والتهميش الذي تعرضت له زوجته، وبعد أخذ ورد تم استقبالها بذات المستشفى ومنحها سريرا ترتاح عليه، إلى حين موعد الولادة، غير أن هذه الأخيرة تعرضت لكل أنواع الإهانة والسب والشتم والمعاملة القاسية من طرف أشباه ملائكة الرحمة، وبعد زيارة زوجها ووالدته أخبرتهما بما حدث لها فلم يتحكم زوجها في أعصابه ودخل في شجار وملاسنات تدخل على إثرها المرضى والمواطنون المتواجدون هناك لتهدئة الأوضاع ولولا تدخل بعض العقلاء لأخذت الحادثة منعرجا آخر بسبب الحقرة العلنية لطاقم تلك المصلحة. السيدة العالية لم تكن الوحيدة التي مورست عليها تلك التصرفات اللاإنسانية على حد تعبيرها، بل هناك أخريات لاقين نفس المعاملة من طرف طاقم مصلحة التوليد بمستشفى الشرفة ولم يكن أمام هذا الزوج سوى التوجه إلى عيادة خاصة بذات الولاية، وهناك بمجرد دخولها تبين أنها على وشك الوضع، فأدخلت إلى قسم الولادة لتضع مولودها في لحظات قليلة بعدما تم حقنها مباشرة والتكفل بها ولقيت رعاية خاصة افتقدتها في مصالح أخرى. زوج السيدة العالية صرَّح لنا أن قسم التوليد بالشرفة لا يستقبل في غالب الأحيان إلا أصحاب الجاه والمعارف، وأنه عاش جحيما و(حقرة) لاسيما في تنقلاته من مستشفى لآخر، ومصاريف (الكلوندستان) كلفته أضعافا خصوصا وأن مسافة طويلة تفصل مقر سكنه عن المستشفى تقدر ب 37 كلم أو أكثر، فضلا عن توتر الأعصاب والشعور بالتهميش والإهانة والظلم، وأردف قائلا (لو كنت ذا جاهٍ وسلطان لاستقبلوني بالورود عند الباب، وأضاف ذات المتحدث أن المستشفى أصبح يطلق عليه (الباتوار) والقابلات ب(حرَّاس السجون) خصوصاً خلال السنوات الأخيرة نتيجة المعاملة القاسية التي تنتهجها تلك القابلات إزاء النساء الحوامل، ويحدث هذا كله في غياب الرقابة من طرف مديرية ووزارة الصحة، فهذا المشفى بات مشهورا بتدني خدماته من كل النواحي وبات مثالاً للتسيب والإهمال للمرضى خصوصا الحوامل. وهذه السيدة التي تحدثت معنا بمرارة بسبب ماحدث لها سوى نموذجا وعيِّنة من بين ملايين النساء الحوامل اللواتي يتعرضن للإهانة والظلم بكل أنواعه، فمتى تتحرك ضمائر تلك القابلات يا ترى؟