حالة هلع كبيرة اجتاحت سكان البيوت الهشة والقصديرية بالعاصمة، بعد أن داهمتها التقلبات الجوية التي تعصف بالعاصمة منذ أكثر من أسبوع، فآلاف العائلات تعيش تحت الخط الأحمر، مهددة بالموت تحت الأنقاض أو أن تجرفها السيول، بالنظر إلى المناطق الخطرة التي تعيش فيها بعيدا عن التفات السلطات المحلية. تتخوف مئات العائلات من الهلاك تحت الأنقاض في بيوتها الهشة كما وقع مع عدة عائلات خلال السنة الماضية ومنذ بداية فصل الشتاء لهذا الموسم، والذي عرف العديد من التقلبات الجوية القوية التي اجتاحت العاصمة، فكانت خطرا آخر يضاف إلى الأخطار المستفحلة التي تطارد آلاف الأسر التي وجدت نفسها في مواجهة الطبيعة وجها لوجه دون حماية .. فلقد تسبب انزلاق التربة الكثيف في تهدم العديد من الأكواخ في أنحاء مختلفة من العاصمة، أدى إلى وقوع ضحايا، بعد أن انهارت أكواخهم الهشة، على رؤوس هذه العائلات التي صرخت مرارا في وجه السلطات المحلية من أجل إخراجها من هذه الكهوف ومنحها حقها الشرعي في السكن الموعودة به في كل مرة، إلا أن الموت كان أسرع كالعادة من المسؤولين المحليين.. وهذه الأزمة لا تقتصر على منطقة بوزريعة وواد اوشايح او بولوغين والمعروفة باحتوائها على العديد من الأحياء القصديرية والتي أكثرها مهددة بالانهيار بفعل انزلاق التربة نظرا للتكوين الطبيعي والجغرافي للمنطقة، فالعاصمة من الشرق إلى الغرب تحوي الكثير من الأحياء القصديرية والبيوت الهشة وسكانها يعيشون أسوأ الظروف فما بين الموت تحت الأنقاض أو بسبب الظروف المحيطة بهم وما بين تهميش السلطات المحلية لهم بعدم الاستماع لشكاويهم وعدم أخذها بعين الاعتبار وتقديم وعود كاذبة في كل مرة من أجل التهدئة فقط.. ونتيجة لهذه الظروف والسياسة المتبعة من طرف السلطات المحلية في هذه المناطق، اضطر السكان إلى إعلان انتفاضتهم والخروج إلى الشارع للاحتجاج من اجل إسماع صرختهم إلى سلطات الولاية، إلا أن نفس الوعود تتكرر في كل مرة، وهذا ما أكده لنا سكان حي كابول في براقي ف215 عائلة تمارس الاحتجاج كل أسبوع أمام دائرة براقي واللجوء إلى قطع الطريق في بعض الأحيان وفي آخر مرة كانت خلال نهاية الأسبوع الماضي حين لجأ المحتجون إلى التهديد بالانتحار جماعيا أمام مقر الدائرة بسبب استمرار الإرهاب الإداري على حسب قولهم، وبسبب الوعود المتكررة بالتسوية في اقرب الآجال، إلا أن الأمر يدوم أكثر من ثلاث سنوات.. وفي الجانب الآخر من العاصمة هناك 25 عائلة منكوبة في حي جاييس ببولوغين بعد إن تسبب انزلاق التربة في انهيار بيوتها السنة الماضية، فيما تعايش أكثر من 60 عائلة الموت ردما في نفس الحي، وتضاعفت حالة الهلع حين وقوع ضحية لم تتجاوز ثلاث سنوات من عمرها، والى الآن لم تتكفل السلطات المحلية بوضعيتهم، وبسبب غياب الإجراءات الفعلية على ارض الواقع لإنقاذهم من الشارع ومن الموت الذي يهددهم في المنطقة باستمرار تساقط أجزاء من جبل جاييس، فقطع الطريق والاحتجاج في الشارع لم ينقذهم من العراء ولا من خطر الموت تحت الأنقاض كما حدث في بوزريعة وواد اوشايح.. أما بعض العائلات في العمارات الهشة في ببعض الأحياء في باب الوادي كابراهيم غرافة فإن مصيرها كان بأنها احتجزت في بيوتها ثم أجبرت على المبيت في العراء هربا من عمارة الموت، بعد أن تهدمت سلالم العمارة، وغابت كالعادة السلطات المحلية عن المشهد كما حدث في بوزريعة وواد أوشايح وبولوغين، وكان على هذه العائلات في باب الوادي أن تعود للأساليب التقليدية من خلال استخدام الحبال في تلقي المئونة وباقي الاحتياجات والوضع لا يزال مستمرا إلى أجل غير مسمى.. والأمر نفسه تعيشه 12 عائلة في ديار الخلوة ببولوغين ما بين جدران روضة تتهدم أجزاؤها يوميا منذ أكثر من عشرة سنوات، بعد أن أسكنتها السلطات المحلية في هذا المكان مؤقتا ريثما تجد ترمم بيوتها، إلا أن العيش مع الموت دام أكثر من عشرة سنوات، فهذه العائلات التي هربتها السلطات المحلية من بيوتها خوفا من انهيارها بسبب تضررها من زلزال 2003، تواجه الآن نفس مصير عائلة الضحايا في أعالي العاصمة الذين لقوا حتفهم تحت الأنقاض نهاية الأسبوع الماضي.. وللعلم فإن هذه عينات قليلة من بعض العائلات التي تواجه الموت يوميا سواء في البيوت القصديرية أو البيوت الهشة والتي يبقى سكانها بعيدين عن الأنظار صابرين على أوضاع كارثية تحيط بهم في ظل تهميش ممارس من طرف السلطات المحلية التي لم ترض حتى بترحيل أصحاب البيوت الهشة الذين وعدوا بالاستفادة عند الحملة الانتخابية، وهاهم الآن محاصرون من الموت في أبشع أشكاله، فمن ينقذ آلاف العائلات بالعاصمة من فصل الشتاء الذي يبدو انه مصر على أخذ المزيد من أرواح الأبرياء..؟