الفقر دفعهم إلى التضحية بالعطلة الاختطاف والموت يطاردان الأطفال على الطرق السريعة أجبرت مصاعب الحياة اليومية فئة كبيرة من الأطفال على تحدي مشاعر الخوف والهلع الناتجة عن انتشار ظاهرة الاختطاف في الآونة الأخيرة، أين وجدوا أنفسهم مكبلين بمسؤولية فرضت عليهم رغم كل الظروف المحيطة بهم، فما بين احتمال الوقوع فريسة في أيدي المنحرفين وبين تخليهم عن الراحة في عطلتهم الربيعية، فهذه الفئة من الأطفال لجأت مجبرة إلى احتراف أنواع التجارة التي لا تتعدى في مجملها بيع أشياء بسيطة ومنتجات منزلية، بحيث تحدوا آفة الاختطاف التي تطاردهم ومارسوا التجارة في الأماكن الخالية والطرق السريعة للرجوع بعائدات قد تنفع أسرهم المعوزة وهو حال الكثير من الأطفال الذين حكم عليهم القدر بذلك المصير المحتوم فوجدوا أنفسهم في مجابهة مصاعب الحياة واحتمال مسؤوليات أكبر منهم بكثير بدفع من أسرهم. نسيمة خباجة في الوقت الذي تعيش فيه بعض الأسر حالة من الرعب على فلذات أكبادها وتعمل على الحفاظ عليهم، وإخفائهم عن أعين الأعداء المتربصين بهم نجد أسرا أخرى تدفع بأبنائها إلى خطر الاختطاف والاعتداء بعد أن ترسلهم إلى أماكن خطيرة من أجل ممارسة بعض أنواع التجارة البسيطة بساطة فئاتهم، فمن بيع المطلوع إلى المحاجب إلى الكسرى والبيض المسلوق، وكل شيء وأي شيء يصلح للبيع، كل ذلك من أجل التصدي إلى العوز الذي يعيشونه وأسرهم والتخفيف من وطأة الجوع. التقيناهم ببعض الطرق السريعة المؤدية من وإلى العاصمة وبالحمامات المعدنية التي تعرف إقبالا من طرف الأسر خلال العطلة على غرار حمام ملوان وحمام ريغة، ملامح وجوههم تعبر عن شقائهم في هذه الحياة، هم ذكور وإناث اختاروا بل دفعوا من طرف أسرهم إلى مخالب الذئاب البشرية التي تحيط بهم من كل حدب وصوب. أسمهان طفلة في الثامنة من العمر، التقيناها بحمام ملوان كانت تبيع البيض المسلوق هناك وتقفز من سيارة إلى أخرى من أجل ترويجه وهي تتحدى غدر البعض، بحيث من السهل جرها إلى السيارة وأخذها إلى مكان مجهول لتضاف كضحية في سجل وفيات الأطفال المختطفين، قالت لنا إن أمها هي من تعد لها البيض المسلوق الذي تعرضه على الزبائن بسعر 15 دينارا وبدأت العمل منذ اليوم الأول من العطلة بغية تضخيم العائدات على حد قولها ومنحها لأمها قصد مساعدة العائلة، خصوصا وأن والدها يعاني من مرض أقعده الفراش، وعن نتائجها الدراسية قالت إنها متفوقة وحازت على معدل 8 من 10 وعن مدى تخوفها من الاختطاف ردت أن أمها تسدي لها دوما بعض النصائح التي تأخذ بها ولا تتقرب من الأشخاص المشبوهين وعادة ما تعمل مع العائلات التي تزور الحمام كونها أقرب إلى الثقة. هو الحال نفسه بالنسبة للكثير من الأطفال الذين ينتشرون بالطرق السريعة ويتضاعف عددهم خلال العطلة والذين يختصون في بيع المطلوع وهم معرضون هناك إلى حوادث المرور من دون أن ننسى تسهيل المهمة على عصابات الاختطاف لحملهم من هناك والفرار بهم إلى أماكن مجهولة والتنكيل بهم. فبعض العائلات ورغم الوقائع والأحداث المؤلمة التي جرت وقائعها هنا وهناك لم تعتبر ولم تحفظ الدرس لحماية أطفالها وعدم جعلهم كلقمة سائغة بيد بعض الوحوش البشرية.