بينما إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما منشغلة على قدم وساق لمحاصرة أية تداعيات حول الاتفاق الدولي في شأن الأسلحة الكيميائية السورية وعادلة توازن القوى التي فرضتها الأزمة، يتسابق سياسيون أمريكيون مخضرمون بتحليل موقف حكومة بلادهم بين ناقد ومؤيد ومعارض. بعد انتقاد وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد بشدة أداء الرئيس باراك أوباما في التعاطي مع الأزمة السورية، خرج مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس كارتر، زبيغنيو بريجنسكي، ليعلن أن مصالح بلاده حاليا تتقاطع مع مصالح روسيا بما يتعلق بسوريا، مضيفا أن واشنطن أخطأت بدعوة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى الرحيل دون تقديم استراتيجية لذلك. وكان رامسفيلد لاحظ بصفة خاصّة أن أوباما لم يبين ما الذي يرمي إليه في سوريا، ووصف المبادرة الروسية حول كيميائي سوريا كوضع خم الدجاج بعهدة الثعلب. وفي تصريحات متزامنة، قال زبيغنيو بريجنسكي، إن مصالح بلاده حاليا تتقاطع مع مصالح روسيا بما يتعلق بسوريا، مضيفا أن واشنطن أخطأت بدعوة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى الرحيل دون تقديم استراتيجية لذلك، معتبرا أن أمريكا لن تكون قادرة على استخدام القوة ضد سوريا إلا بحال حصول هجوم كيماوي جديد. وقال بريجنسكي، ردا على سؤال من (CNN) حول إمكانية وثوق واشنطن بوجود تقاطع للمصالح مع روسيا: (ليس لدينا مصالح مشتركة مع روسيا، ولكن لدينا - في بعض الأحيان - مصالح متطابقة)، وأضاف: (أظنّ أن لدى الجانب الروسي قلق شديد من إمكانية تفجر منطقة الشرق الأوسط وتأثير ذلك على الوضع الروسي، وتحديدا في منطقة القوقاز التي تشهد امتعاضا إسلاميا من السيطرة الروسية قد يتحول إلى العنف، كما أن روسيا رأت في ما يجري فرصة للحد من النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، والواقع أن واشنطن ما زالت اللاعب الأكبر في المنطقة، ولكن نفوذها في انحسار). وتابع مستشار الأمن القومي الأسبق أن روسيا (رأت الفرصة أمامها سانحة من أجل التحول إلى لاعب محوري وزيادة نفوذها لدى سوريا وإيران، وربما أطراف أخرى). واعتبر بريجنسكي أن الحسابات التي في ذهن بوتين (متطابقة مع مصالح واشنطن) مضيفا: (أرى أن التدخل الأمريكي في سوريا مؤسف وغير ضروري، ولا أظن أن ضرب الترسانة الكيماوية السورية سيفيدنا فهو لن تحل المشكلة، بل قد يشعل فتيل انفجار أكبر في المنطقة). وعن مدى الاختلاف في وجهات النظر بين البلدين حول مصير الرئيس الأسد في ظل رفض موسكو لإزاحته عن السلطة، قال بريجنسكي: (لقد قال الرئيس باراك أوباما إن على الأسد الرحيل عن السلطة، لكنه لم يقدم إستراتيجية تسمح بذلك، ونحن الآن نرى تداعيات هذا الأمر. وقد يكون هناك معادلات لحل المشكلة، فولاية الأسد تنتهي العام المقبل. كما أن بوسعنا استنباط حلول، خاصة إذا كان هناك في الوقت نفسه حركة على صعيد المفاوضات مع إيران). واستبعد بريجنسكي وجود رابح وخاسر جراء الحل المقترح لمعالجة أزمة السلاح الكيماوي السوري مضيفا: (لا أظن أن أحدا بوسعه ادعاء تحقيق انتصار، فقبل كل شيء تمكن الروس من تجنب حصول أمر لا يرغبون بوقوعه في المنطقة، كما أننا مُنعنا من فعل شيء سيضر بالمنطقة وبنا على الأرجح). وختم مستشار الأمن القومي الأسبق بالقول: (لقد أقدمنا على ارتكاب أخطاء وإجراء حسابات غير دقيقة وأظن أننا لن نتمكن من اللجوء إلى القوة ضد سوريا إلا إذا كان الأسد غبيا بما فيه الكفاية لإعادة استخدام السلاح الكيماوي، وهو أمر أشك في إمكانية حصوله).