تغير درجة الحرارة، والانتقال من صيف حار إلى خريف معتدل، أمر إيجابي لدى الكثيرين، للهروب من حرارة الصيف ولهيب الشمس، وللانتقال إلى ممارسة أنشطة مجتمعية وطقوس حياتية في مختلف الأوقات، تزامناً مع بداية عام دراسي. لكن الأجواء المصاحبة لذلك الانتقال تبدو أكثر ما يعكر صفو المجتمع، خاصة في أيام تنشط فيها الفيروسات وتنتشر فيها الأمراض والمشكلات، وبالتالي يتحول الجسد إلى ميدان خصب لتلقي ونشر الأمراض من شخص إلى آخر، حسب ما أشار إليه الدكتور محمد رخاوي استشاري جراحة أنف وأذن وحنجرة. تنشا الأمراض الموسمية بحكم تغيرات متفاوتة في درجة الحرارة، تسهم في نشاط بعض أنواع البكتيريا والفيروسات المسببة للأمراض، وتنعكس تأثيرات ذلك على الأطفال الذين يلتحقون بالمدرسة للمرة الأولى، الذين يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. ومن أكثر الأمراض الموسمية شيوعاً التهابات الجيوب الأنفية واللوزتين والأذن، ومن هنا تبرز أهمية متابعة الأسرة لحالة هؤلاء الأطفال، ومراقبة الأعراض التي تظهر عليهم، والإسراع بزيارة الطبيب للحصول على العلاج اللازم قبل تطور الحالة وطغيان تأثيرها على سائر أجهزة الجسم، ويُنصح أولياء الأمور بإجراء الفحوصات الدورية، لاسيما قبيل بدء العام الدراسي، حتى يتسنى لهم علاج بعض الأمراض التي تواجه الأبناء وخصوصاً المعدية. وأشار الدكتور محمد رخاوي إلى أن انتقال الأمراض بين الطلبة أمر طبيعي، ويحدث نتيجة حالة التداخل والتقارب في الفصل الواحد أو في الطابور، وتزداد نسبة الإصابة بالفيروسات بشكل ملحوظ عند حدوث تغيرات في درجة الحرارة وخصوصاً في مثل هذه الفترة من كل عام، وتظهر بشكل واضح لدى الصغار والأشخاص الذين تكون مناعتهم ضعيفة، لذلك ينصح الطلبة عند الشعور بأعراض المرض، بالتوجه إلى العيادة المدرسية، التي بدورها تتولى تشخيص الحالة بشكل مبدئي قبل تحويلها إلى أقرب مستشفى لعمل التشخيص السريري وللحد من المضاعفات. ولفت إلى أن نظرة بعض أولياء الأمور إلى الأمراض الموسمية التي تنتشر عند تغير درجات الحرارة، قد تكون سلبية، وربما تسهم في خطورة الحالة، إذ يعتقد البعض أن حدوث مرض في هذه الفترة الزمنية من كل عام أمر طبيعي وذلك لا يستدعي زيارة الطبيب، فيلجؤون إلى الطرق البديلة والسهلة، التي تتمثل في وصف الحالة لأقرب صيدلاني، واللجوء إلى الدواء التقليدي، وإن لم تظهر أي نتائج إيجابية يتجهون إلى صيدلاني آخر للبحث عن علاج بديل دون استشارة طبيب أو إدراك لخطورة هذا التصرف. ولا تتوقف تصرفات بعض أولياء الأمور عند ذلك الحد، بل يلجؤون إلى خزانة الأدوية في المنزل، ويبدؤون في تجربة كل دواء ممكن، دون التركيز على صلاحية أو النظر إلى فئة عمرية، مما يضاعف من الخطورة على المريض، وربما يعتقد البعض أن زيارة الطبيب لها مفعول سحري، وإن لم يحدث أي تحسن خلال ساعات قليلة، فلا بد من البحث عن طبيب آخر بغية الحصول على حل سريع، وينتهي مشوارهم بخليط من الأدوية والمضادات الحيوية التي تتعارض في وظائفها وقد تحدث اضطرابات في وظائف الجسم. خطوات مهمة للوقاية من الأمراض الموسمية تطرق الدكتور محمد رخاوي إلى مجموعة من الخطوات المهمة الواجب التقيد بها، ومنها التأكد من سلامة الأبناء قبل انطلاقهم إلى المدرسة، فإن ظهر بعض الأعراض غير الطبيعة فلا بد من سؤال الطفل عن حاله، فإذا كان يشعر بأي ألم أو أعراض غير طبيعية، هنا ينصح بعدم السماح له بالذهاب إلى المدرسة، لتجنب زيادة الإرهاق ونقل العدوى إلى طلبة آخرين. وكذلك تقع المسؤولية على المعلمين أو المعلمات الذين عليهم أن يلاحظوا نشاط الطالب وتفاعله، إن كان طبيعياً أو يعاني مشكلة صحية ما تتطلب التدخل للحد من تدهور الحالة إلى الأسوأ. في المواسم والمناسبات، تنشط الفيروسات وتتراكم الاحتمالات بازدياد فرص الإصابة بأمراض مختلفة، ولعل موسم الحج يأتي في مقدمة المواسم التي تشتعل فيها الفيروسات نشاطاً وتأثيراً، لاسيما وأن الحج هذه الأيام يأتي متزامناً مع فصل الشتاء، الذي تصاحبه تقلبات في درجة الحرارة وانتشار واسع للفيروسات والبكتيريا التي تهاجم الأجهزة الدفاعية للجسم، وتتسبب في التهابات الأذن والأنف والحنجرة وارتفاع درجات الحرارة. ومع هذه التغيرات ينصح بضرورة أخذ التطعيمات اللازمة التي تساهم في تعزيز مناعة الجسم وتنشيط الأجهزة الدفاعية والحماية نسبياً من الأمراض، التي تنتقل نتيجة الازدحام الشديد في مناسبة الحج أو سواها، حيث تعد البيئة في مثل تلك الأجواء بؤرة لمضاعفة نشاط الفيروسات، ولا سيما في ظل التغيرات المفاجئة في درجة الحرارة التي يعيشها المسافر والمنتقل إلى المكان الجديد، سواء للحج أو العمرة أو في سواها من المناسبات. قرب الأشخاص من بعضهم البعض، يساهم بقوة في انتشار الفيروسات، وذلك عن طريق الرذاذ الذي يخرج بفعل عمليتي الرشح والسعال لدى شخص مريض، وذلك قد يؤثر بشكل أوسع وربما أخطر على الأشخاص المصابين ببعض الأمراض المزمنة مثل الربو، الذين يشعرون بتهيج في مجاري التنفس والشعيبيات الهوائية، ثم حدوث نوبات متكررة تتراوح بين ضيق التنفس وإصدار صوت صفير أثناء استنشاق الهواء، والسعال المستمر. وتبرز تلك الأعراض أثناء بذل مجهود كبير من قبل الشخص المصاب، وإلى جانب ذلك يساهم الإرهاق وقلة تناول الطعام في تأجيج الحالة المرضية لدى الشخص، لذلك يُنصح دائماً، ولا سيما لدى الحجاج والمعتمرين، باستخدام الكمامات الطبية، خصوصاً في المناطق المزدحمة التي يتركز فيها الغبار، أو تتعرض لنفحات الهواء الحار والبارد معاً، إضافة إلى تجنب إرهاق الجسم والإكثار من تناول السوائل، واللجوء إلى العيادات المتنقلة للعلاج في حالة الشعور بأي أعراض، لتجنب تضاعف الحالة، ونشر العدوى بين الآخرين. التغيرات المفاجئة في درجة الحرارة تجلب الإنفلونزا أوضح الدكتور محمد رخاوي استشاري جراحة الأنف والأذن والحنجرة، أن لجوء الشخص إلى سلوكيات خاطئة، فإن ذلك يعرقل عملية التأقلم والتوازن في إفرازات الجسم، ويزيد من خطر التأثر بالتغيرات الموسمية وتقبل العدوى من الأشخاص الآخرين. ولعل انتقال الشخص من مكان حار إلى آخر شديد البرودة بشكل مفاجئ يزيد من خطر الإصابة بالأمراض الموسمية، فكثير من الأشخاص حينما يشعرون بالرطوبة والحرارة المرتفعة، وحينما يغمر العرق أجسادهم تجدهم يسارعون بالهروب نحو الهواء البارد، أو يلجأون إلى تناول المثلجات، وهو ما يعزز من فرص الإصابة بالإنفلونزا. وتعد الإنفلونزا من أكثر الأمراض الموسمية انتشاراً، نظراً لسهولة انتقالها وسرعة تضاعف أعراضها إذا أهمل علاجها، لدرجة أن تشكل الخطورة على المريض، كما أنها من أبرز الأمراض الموسمية التي تنتشر مع اقتراب فصل الصيف من الشتاء، إذ أنها تنمو في العام الواحد مرتين وتحاول أن تجدد نفسها وتغير من شكلها في فترتين مختلفتين، وتعرف بأنها مرض معد يصيب الجهاز التنفسي نتيجة مهاجمة بعض أنواع الفيروسات، وتتمثل أعرضها في ارتفاع درجة الحرارة والسعال واحتقان في الحلق وسيلان الأنف وانسداده، يرافق ذلك تغيرات في نبرة الصوت، مع الشعور ببعض الآلام في العظام والعضلات، وصداع متكرر ورغبة مستمرة في التقيؤ. وأكد المختص في أمراض الأنف والحنجرة، أن الإنفلونزا تنتشر بين الأشخاص بسهولة عن طريق خروج الرذاذ بالسعال والعطس أو حتى أثناء الكلام في الهواء المغلق، وتزداد نسبة الإصابة كلما قلت المسافة بين الشخصين، أو قلة مساحة المكان الذي يجمعهما، ولا يقتصر انتقالها على ذلك، بل إن لمس أجسام ملوثة ومن ثم لمس مناطق حساسة في الجسم كالعينين والأنف والفم، فإن ذلك يسهم في انتقالها، ويمكن التنبؤ بشدتها أو درجة خطورتها من خلال تحديد نوع الفيروس. الحساسية كبار السن والأطفال والحوامل والأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة، هم الأكثر عرضة لتلقي مرض الإنفلونزا، التي قد يسبب التهاون في علاجها إلى التهاب رئوي بكتيري، والتهابات الأذن والجيوب الأنفية، والجفاف نتيجة فقدان السوائل، وزيادة شدة المرض المزمن الذي يعاني منه الشخص سابقاً. وإلى جانب ذلك قد يصاب البعض في مواسم محددة، بأمراض أخرى مثل الحساسية، نتيجة استنشاق بعض العوالق التي تنتشر في الهواء كحبوب اللقاح أو أي روائح أخرى قد يتحسس منها الشخص.