يشهد معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته ال 18 حضورا لافتا للنّظر لدور نشر مصرية على طرفي نقيض، فبينما يحضر الإخوان وأنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بشكل عادي وتحظى دور النشر المقرّبة منهم بكثير من الإقبال والتعاطف يشكو ممثّلو دور نشر مقرّبة من النّظام الجديد من بعض (الانحياز) الشعبي الجزائري ضدهم، علما بأن غالبية الجزائريين عبّروا، عفويا، عن رفضهم للانقلاب العسكري ضد نظام الإخوان رغم أخطائهم. لاحظت (أخبار اليوم) في جولة قادتها إلى معرض الكتاب الذي فتح أبوابه للجمهور يوم الخميس وجود ما لا يقلّ عن أربع دور للنشر محسوبة على التيّار الإخواني بمصر، من بينها دار الصحوة للنشر، أين لاقت هذه الأخيرة إقبالا كبيرا من قِبل الجزائريين، كما لوحظ أيضا حضور دور النشر للدولة السورية التي تعاني هي الأخرى من توتّر الأوضاع الأمنية رغم انخفاض عدد العارضين بالمقارنة مع السنوات الماضية. ورصدت (أخبار اليوم) أوّل أمس أهمّ ما قدّمته كلّ من (الجريحتين) سوريا ومصر وما مدى إقبال الشعب الجزائري على هذين البلدين لتعاطفه مع ما يحدث من سفك لدماء الأبرياء لتطلّ على الجمهور الجزائري بعدد قيم من العناوين والإصدارات الجديدة التي تعوّد الجزائريون على اقتنائها كلّ عام لما يتمتّع به الكتّاب السوريون والمصريون من مكانة كبيرة في قلوبهم. سوريا ومصر حاضرتان رغم المحنة من هذا المنطلق أكّد أحد العارضين مؤيّد للنّظام المصري أن الحكومة المصرية سهّلت عملية خروج كلا الطرفين بطريقة عادية من أرض الكنانة رغم الظروف الأمنية المتوتّرة هناك، وقد اتّضح ذلك من طريقة كلامه وتآزره مع نظام (السيسي)، وفي إشارة منه عبّر عن تعاطف الجزائريين مع الإخوان خاصّة بعد أحداث (رابعة العدوية)، مضيفا أن هذا الأمر لا يشكّل أيّ إزعاج بالنّسبة لهم بقوله: (لقد اختلفنا مع الجزائريين في الرياضة ولا ضير أن نختلف كذلك في السياسة والميول السياسي). ومن جهته، أطلق أحد عارضي دار (طلاس) السورية النّار على الجمارك الجزائرية ووصف النّظام الجمركي بالسيّئ على اعتبار أنه لم يسمح بدخول أكثر من 70 طردا في وقته، ومن جهة أخرى تطرّق إلى آخر إصدارات الدار وقال إنها شهدت إقبالا غير مسبوق منذ الساعات الأولى وهو كتاب (الثورة الجزائرية) لمؤلّفه (العماد أوّل مصطفى طلاس)، والذي كتبه تلبية لطلب الرئيس الرّاحل هواري بومدين في اجتماع منفرد جمعهما، حيث قال له الرئيس الراحل: (إنك خير من يؤرّخ لثورة الجزائر، إنني أطلب منك أن تكتب عن تاريخ ثورة الجزائر). وفي جولة سريعة بدور النشر السورية تحدّث العارضون عن الوضع في سوريا، والذي أثّر على عملية تنقّلهم من أجل حضور المعرض، إذ كانت الوجهة إلى مصر ولبنان وتونس من أجل الحلول بالجزائر. إقبال كبير للشباب المتعطّش إلى المطالعة في ذات السياق، افتتح الصالون الدولي للكتاب في طبعته ال 18 تحت شعار (افتح لي العالم) أبوابه للزوّار أوّل أمس الخميس بعد أن قام بتدشينه الوزير الأوّل عبد المالك سلال الأربعاء الفارط. وقد شهد الصالون في يومه الأوّل إقبالا معتبرا من طرف جمهور القرّاء المتعطّشين إلى مثل هذه التظاهرات الدولية، خاصّة مع ارتفاع عدد دور النشر المشاركة لهذه السنة والمقدّر عددها ب 922 دار نشر تمثّل 44 دولة. كما كان المواطن على موعد مع 260 دار نشر مثّلت الجزائر لوحدها أمام توافد مختلف الشرائح والطبقات على أروقة المعرض الذي احتفل ببلجيكا بلد الثروات النشرية لتكون ضيفة الشرف لهذا العام من خلال اتحادها و(الونيا - بروكسل) كضيف شرف لهذه الطبعة. الصين الشعبية.. رفوف بلا كتب! ما شدّ انتباهنا في هذه الطبعة هو مشاركتها في المعرض بالاسم فقط في يومه الأوّل، أين حضرت الصين كعارضين وغابت الكتب، وأرجع أحد المتحدّثين باسم البلد هذا الأمر إلى تأخّر وصول طرود الكتب، ممّا أدّى إلى استغراب زوّار المعرض، علما بأنها تشارك لأوّل مرّة في المعرض الدولي للكتاب بالجزائر من خلال سفارتها. وتزامنا مع المعرض نظّمت محافظة الصالون عددا من الندوات الفكرية والأدبية، حيث سيكون الجمهور على موعد مع برنامج ثري ويومي لعدد من الندوات واللّقاءات لعلّ أهمّ ما يميّزها هو طابعها الإفريقي البحت، حيث ستكون إفريقيا بأدبها وثقافتها حاضرة وبقوة في هذه الندوات. وكان اليوم الأوّل قد شهد ملتقى (إفريقيا في الآداب والفنون)، والذي أصبح تقليدا بعد أن شهدت الطبعتين السابقتين نفس الموضوع. ويأتي اختيار إفريقيا حسب ما أعلن عنه المنظّمون لرغبة الصالون في التموقّع بشكل خاص على مستوى العالم العربي والإفريقي والبحر الأبيض المتوسط كتجمّع نشري، ثقافي، علمي ومرجعي. ولعلّ الزّائر للمعرض يلمس اكتساح الكتب التاريخية وكتب الثورة الجزائرية لرفوف دور النشر الجزائرية تزامنا مع الذكرى ال 59 لاندلاع ثورة أوّل نوفمبر من بينها (دار الحكمة) التي طغت الكتب التاريخية على إصداراتها الجديدة، إضافة لكتب الأطفال التي حاولت الدار حسب النّاطق الإعلامي باسمها أن تحافظ على التراث الجزائري وترسّخه في نفوس الأطفال من خلال أعمالها الجديدة.