في بيان وُصف بأنه "شديد اللهجة"، عبّر مجمع البحوث الإسلامية، وهو أعلى هيئة في الأزهر، عن صدمته لما نُشر أخيراً عن أحد كبار رجال الكنيسة الأرثوذوكسية في مصر من طعن في القرآن الكريم وتزييف تجاه علماء المسلمين، الأمر الذي أثار غضب جماهير المسلمين في مصر وخارجها، واستنكار "عقلاء المسيحيين" في البلاد. وأكد أعضاء مجمع البحوث الذين عقدوا اجتماعاً طارئاً السبت برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب، وذلك لمناقشة تصريحات نائب البابا شنودة وسكرتير المجمع المقدس الأنبا "بيشوي"؛ "أن هذه التصرفات غير المسؤولة إنما تهدد في المقام الأول الوحدة الوطنية في وقت نحن في أشد الحاجة لصيانتها ودعمها". وكان الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس صرح أن "القرآن الكريم يحتاج إلى مراجعة"، لكنه عاد وأكد أنه "لم يقصد الإساءة إلى القرآن الكريم"، وأن ما طرحه "كان واقعة معينة جرى فيها حوارٌ حول آيات تكفير المسيحيين". تصرفات غير مسؤولة ونبَّه مجمع البحوث الإسلامية إلى أن "هذه التصرفات غير المسؤولة إنما تخدم الأهداف العدائية المعلَنة عالمياً على الإسلام والمسلمين وثقافتهم وحضارتهم، مما يوجب على أصحاب هذه التجاوزات أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية الوطنية وأن يراجعوا أنفسهم وأن يثوبوا إلى رشدهم". وأضاف البيان "إن رفض مجمع البحوث الإسلامية هذه التصرفات غير المسؤولة إنما ينبع أولاً من الحرص على أمن الوطن بمسلميه ومسيحييه وحماية الوحدة الوطنية ومواجهة الفتن التي يمكن أن تثيرها هذه التصرفات التي تهدد أمن الوطن واستقراره". ويؤكد المجمع على حقيقة أن مصر دولة إسلامية بنص دستورها الذي يمثل العقد الاجتماعي بين أهلها، ومن هنا فإن حقوق المواطنة التي علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نصارى نجران قرر فيها أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين. وهذه الحقوق مشروطة باحترام الهوية الإسلامية وحقوق المواطنة التي نص عليها الدستور. الأديان السماوية الثلاثة واستطرد البيان "وإذا كان عقلاءُ العالم قد استنكروا في استهجان شديد إساءة بعض الغربيين للقرآن الكريم، فإن عقلاء مصر بمفكِّريها ومثقفيها من المسلمين والمسيحيين مطالبون بالتصدي لأي محاولة تسيء إلى الأديان السماوية الثلاثة ورموزها ومقدساتها، كما أنهم مطالبُون باليقظة وتفويت الفرصة على المتربصين بأمن مصر واستقرارها وسلامتها، وأن يعتبروا العقائد الدينية للمصريين جمعياً خطاً أحمر لا يجوز المساس به من قريب أو بعيد". وخلال المؤتمر الصحافي الذي تلا فيه البيان، شرح المتحدث الرسمي باسم شيخ الأزهر د. محمد الطهطاوى "أن الطيب دعا إلى هذا الاجتماع لأعضاء مجمع البحوث لإعداد هذا البيان السالف حماية للوطن بمسلميه ومسيحييه، وليس طعناً في أي قيادة دينية، وأن الهدف من البيان تأكيد أن الأزهر وعلمائه يدافعون عن معتقدات الأمة الإسلامية حتى نقطع الطريق على المتربصين والمتطرفين في استغلال هذه التصريحات وعمل ما لا يحمد عقباه في لحظة انفعالية". وأكد الطهطاوي "أنه لم تجر أي اتصالات حتى الآن بين البابا شنودة وشيخ الأزهر، حول تصريحات نائبه، لكن جرت اتصالات غير رسمية بين بعض أعضاء المجمع ومستشاري البابا وتأكد للأزهر أن هناك اتفاقاً عاماً في الكنيسة على رفض تصريحات القيادة الكنسية التي أصدرت هذه التصريحات وأنهم يشتركون معنا في هذا الاستنكار".