الموت اختناقا بالغاز، خطر آخر يضاف إلى الأخطار الكثيرة التي تطارد تلاميذ المدارس في الجزائر، فمنذ بداية التقلبات الجوية التي تجتاح مناطق مختلفة من الوطن، تعرض العشرات من التلاميذ عبر بعض المؤسسات التعليمية إلى الاختناق بسبب تسرب الغاز من المدافئ التي يبدو أنها لم تخضع إلى الصيانة الجيدة وكادت أن تتسبب في مأساة كبيرة وسط الحرم المدرسي.. س. بوحامد حدوث حالات الاختناق خلال فصل الشتاء، أضحى أمرا شبه عادي في الجزائر، خاصة وسط المنازل، سواء بالمدافئ أو حتى قارورات الغاز، وربما وصل الأمر إلى حد الهلاك، ولا تعد ولا تحصى العائلات التي وقعت في فخ الموت اختناقا بأكملها، فلقد لقي 65 شخصا مصرعهم بسبب الاختناق بالغاز عبر الوطن منذ بداية السنة الجارية إلى غاية شهر أكتوبر المنصرم، فيما تمكنت مصالح الحماية المدنية من إنقاذ 754 من الموت، من بين 618 تدخل للحماية المدنية على المستوى الوطني.. إلا أن الاختناق بالغاز امتد ليشمل أيضا المؤسسات التربوية أين تعرض العشرات من التلاميذ إلى الاختناق المتكرر بالغاز في عدة مناطق من الوطن، منذ بداية التقلبات الجوية وموجة البرد التي أدت إلى استعمال مدافئ هذه المؤسسات، ربما بدون الخضوع إلى صيانة جيدة أو أنها استفادت من صيانة سطحية من طرف أشخاص غير متخصصين، مع غياب قدر كاف من التهوية، كلها عوامل اجتمعت لتعرض سلامة وحياة التلاميذ إلى خطر الموت وهم يتابعون دروسهم في أقسامهم.. ولقد أصيب عدد من تلاميذ مدرسة الجزائر بمدينة تيسمسيلت خلال الأسبوع الماضي، باختناقات نتيجة انسداد في أنبوب المدفأة بإحدى القاعات، حيث أفادت مصالح الحماية المدنية أنه تم نقل 21 تلميذا من قسم السنة الثالثة ابتدائي إلى المستشفى أغلبهم تحت الصدمة، وتم التكفل بهم وعادوا إلى مدرستهم بعد ذلك، فيما بقي 6 تلاميذ تحت الرقابة الطبية، ومع منتصف النهار غادر المصابون باستثناء تلميذة واحدة. وحسب مدير المدرسة، فإن انسدادا وقع في أنبوب المدفأة ما أعاد الغاز المحروق إلى داخل الحجرة فأغمي على بعض التلاميذ... تعرض تلاميذ بعض المدارس إلى الاختناق بالغاز، والوصول إلى الاستنجاد بالمصالح الاستشفائية من أحل إرجاع الأنفاس النقية لهؤلاء التلاميذ، كان مصيرا مفروضا على فئة من التلاميذ الذين كانوا يظنون أنه من فئة المحظوظين لأنهم استفادوا من التدفئة في أقسامهم، على خلاف البعض الآخر من التلاميذ وهم الأكثرية والذين وجدوا أنفسهم في مواجهة موجة برد قاتلة بعد أن تحوّلت أقسامهم إلى ما يشبه الثلاجات، وفي هذه الظروف تنعدم القدرة على التحصيل والتعلم وأصبح التفكير فقط في انتظار انتهاء ساعة الدرس للخروج من دائرة الألم والموت بسبب البرد، خاصة أن بعض المؤسسات التعليمية تشهد حالة متقدمة من التدهور، كتشقق الجدران والأسقف، مما سمح بتسرب الأمطار وكذا البرد، وبين تسرب البرد القارس وتسرب الغاز من مدافئ الموت التي تحويها بعض المؤسسات، يبقى التلميذ الجزائري يدرس وهو محاصر من الموت في أبشع أشكاله..