لم تعد المخاوف المتعلقة بنوعية التحصيل العلمي وحدها التي تشغل بال أولياء التلاميذ عند كل دخول مدرسي، فهناك مخاوف أخرى أضحت أكثر خطورة من ضعف المستوى التعليمي، منها ما تعلق بحماية أرواح التلاميذ، لاسيما في فصل الشتاء الذي تشهد فيه درجة الحرارة انخفاضا كبيرا ويتطلب تجهيز الأقسام بأجهزة التدفئة المناسبة. إلا أن هذه الأجهزة أضحت هي الخطر الحقيقي، رغم أنه من المفوض أن تكون مصدر أمان وحفاظ على صحة الأطفال.. فهناك قائمة مفجعة من الحوادث تم تسجيلها على مستوى الوطن، منها ما حدث بولاية تيسمسيلت حيث تعرض 21 تلميذا للاختناق في مدرسة تسمى الجزائر، وذلك بسبب انسداد وقع في أنبوب المدفأة، ما أدى إلى اجترار الغاز المحروق إلى داخل الحجرة فأغمي على عشرات التلاميذ!. ولاية المسيلة أيضا لم تكن استثناء، حيث تم تسجيل انفجار مدفئة داخل أحد الأقسام، وكذلك الأمر في ولاية بسكرة أين شهدت مدرسة ابتدائية الحادث نفسه.. وهذا التزامن المتكرر من الحوادث المفجعة يؤكد حقيقة وجود قصور جوهري في تقدير هذه الإشكالية، وإمكانية حلها جذريا، لاسيما أن الوزارة الوصية قد خصصت أغلفة مالية مقدرة لصيانة وإصلاح أنظمة التدفئة المدرسية، وهو المبلغ الذي يقدر بحوالي 4 ملايين دج، ما يعني أن الأمر لا يتعلق بالميزانية فحسب بل بحسن تسييرها ومدى تتبع أوجه صرفها، وكذلك متابعة البرامج المسطرة للصيانة والإصلاح، دون الوقوف طويلا حول السؤال الجوهري المتعلق بتقدير الخطر الذي قد يزهق أرواح الكثير من الأطفال.. فذلك أمر بديهي بالضرورة. الكثير من المتابعين يؤكدون أن أغلب الحوادث التي وقعت خلال الفترة الماضية، كان السبب الرئيسي فيها في "قدم أجهزة التدفئة وعدم خضوعها للصيانة الدورية والمتابعة من قبل إدارات المؤسسات التربوية". والسؤال هنا لا يتعلق بإدارة المدارس فحسب بل بالوزارة الوصية أيضاً، فضلا عن مجالس أولياء التلاميذ. فهل ستكون الحوادث الأخيرة بمثابة ناقوس إنذار للجهات المعنية للتفكير جديا في إمكانيات الحل؟!