من المرتقب أن تنظر محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة في الرّابع من شهر نوفمبر المقبل في قضية أحد العائدين من معتقل غوانتانامو، ويتعلّق الأمر ب »حدرباش سفيان« بعد سلسلة من التأجيلات بسبب تواجد هذا الأخير في مستشفى الأمراض العقلية »فرانس فانون« بالبليدة بعد أن أصيب بشظية على مستوى رأسه أثناء اعتقاله من طرف القوّات الأمريكية في أفغانستان. وقد أفادت مصادر قضائية بأن صحّة المعتقل تدهوّرت بسبب أنواع العذاب التي تعرّض له في معتقل العار، ما جعل السلطات الجزائرية تأمر يوم تسلّمه بإحالته على مختصّين لمتابعة وضعه الصحّي. والجدير بالذّكر أن إعادة برمجة محاكمة المتّهم في هذه الدورة جاء بعد إطّلاع القاضي المكلّف بالملف على تقارير الأطبّاء، حيث سبق وأن طالبت محامية المتّهم إلغاء المحاكمة وإرسال أطبّاء مختصّين لوضع تقرير محايد، خاصّة وأن جميع المعطيات تشير إلى أن المتّهم أصيب بالجنون بعد أن وصل الانهيار العصبي الذي أصيب به إلى آخر مراحله. غير أن برمجة القضية تشير دون أنى شكّ إلى تحسّن الوضع الصحّي للمتّهم، وأن محاكمته لن تكون مخالفة للقوانين باعتباره في كامل قواه العقلية ومسؤول على أفعاله. وتعود حيثيات قضية المتّهم »حدرباش سفيان« المكنّى »هواري عبد الرحمن«، 28 سنة، إلى سنة 1999 حينما قرّر مغادرة الجزائر والهجرة إلى أوروبا، حيث أقام في فرنسا ثمّ في لندن بطريقة غير شرعية، ثمّ سافر إلى كابول لتلقّي العلم وتعلّم أصول الشريعة الإسلامية. وفي أواخر شهر سبتمبر 2001 وبعد أحداث 11 سبتمبر التي استهدفت البرجين التوأم بنيويورك، قامت الولايات المتّحدة الأمريكية بقصف منطقة تقع وسط الجبل بجانب مدينة قندهار، أين كان »حدرباش« يقيم من أجل صيام شهر رمضان، وبعد مرور أربعة أيّام من الشهر الكريم أصيب على مستوى الرّأس جرّاء القصف، وخلالها تمّ نقله إلى المستشفى المدني بباكستان حيث مكث لمدّة أسبوعين، وبعد إجرائه عملية جراحية على مستوى الرّأس تمّ نقله إلى عيادة تابعة لأحد السجون الباكستانية، وفي اليوم الموالي تمّ نقله رفقة ثلاثة أشخاص جرحى أحدهم فلسطيني والآخر يمني إلى مطار كوهرت بباكستان، ومنه تمّ تحويلهم إلى مطار قندهار بباكستان على متن طائرة حربية بعدما تمّ وضعهم في السجون لمدّة شهرين، وتمّ التحقيق معهم بخصوص سبب دخولهم أفغانستان، وخلال شهر مارس 2002 تمّ تحويلهم على متن طائرة عسكرية من مطار قندهار إلى مطار بأفغانستان، ثمّ تمّ ترحيله إلى القاعدة الكوبية غوانتانامو، حيث قضى مدّة ستّ سنوات حسب دفاعه ولم يتذكّر خلالها أيّ نوع من التعذيب تعرّض له، وذلك بسبب الدواء الذي كانت القوّات الأمريكية تقدّمه له، والذي أفقده كلّ الوعي. وأشارت محاميته »للأحداث« إلى أن موكّلها مايزال يعيش بإحدى الشظايا على مستوى المخّ، والتي يستحيل نزعها لإمكانية تعرّضه للوفاة أو الزّيادة من حالته العصبية، مشيرة إلى أن حالته الصحّية صعبة جدّا حيث عنّف أهله عند نقله إلى الجزائر وتؤكّد حالته الصحّية أحقّيته في الإفراج بقوّة القانون. وكانت إصابة المتّهم بانهيار عصبي السبب في تأجيل القضية إلى نهاية الدورة الجارية، علما أنه توبع بجناية الانتماء إلى جماعة إرهابية تنشط في الخارج والتزوير واستعمال المزوّر نظرا لحصوله على جواز سفر مزيّف.