يصادف تاريخ 14 مارس من كل سنة اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة وهي المنافسة التي دفعت «آخر ساعة» لزيارة المركز النفسي البيداغوجي «الهناء« الذي تشرف عليه جمعية إعانة الأطفال المتخلفين ذهنيا الخميس الماضي للوقوف على إبداعات هذه الفئة من المجتمع التي تواجه الصعاب بمساعدة طاقم من المربين والمختصين الذين يقومون بعمل كبير. وليد هري نظم المركز النفسي البيداغوجي المتواجد على مستوى حي «بيداري» ببلدية البوني يوم الخميس الماضي معرضا لإبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة الذين قاموا بالعديد من الأشغال اليدوية التي كشفت عزيمتهم الكبيرة، حيث قامت «آخر ساعة» بجولة في هذا المعرض بمرافقة إحدى المربيات التي كشفت بأن المركز فيه العديد من الورشات التي تسمح لذوي الاحتياجات الخاصة بتطوير مواهبهم، لافتة إلى أن المركز النفسي يستقبل فئة الأطفال المتخلفين ذهنيا الذين بلغوا من العمر 6 سنوات وينتقلون بعدها عبر 5 مراحل، آخرها مرحلة الرشد التي يكون فيها ذوو الاحتياجات الخاصة قادرين على القيام بالعديد من الأشغال التي تتطلب التركيز والصبر، على غرار العمل على الطين أو على قطع خشبية، حيث تأتيهم المادة الأولية على حالها ويقومون هم بعدها بكل شيء، كما أنهم يستخدمون آلات احترافية سواء تعلق الأمر بالفخار أو بالخشب، باعتبار أن المركز يتوفر على فرن احترافي، أما بخصوص نزيل المركز الذي يكون ما يزال غير قادر على القيام بمثل هذه الأشغال فلا يتم تركه دون عمل، حيث يتم إعطاوه الفرصة للعمل على الطين بالطابع، لأن ذوي الاحتياجات الخاصة يحبون رؤية عملهم، كما أوضحت المربية أن الأشغال اليدوية البسيطة التي تقوم بها هذه الفئة تجمع بعدها لتشكيل لوحة جماعية، هذا كما لايمكن أن ننسى ذكر اللوحات الفسيفسائية التي أقل ما يقال عنها أنها احترافية ورائعة والتي أنتجتها أنامل ذوي الاحتياجات الخاصة. الفتيات أبدعن في الطرز والخياطة وإذا الذكور يحبون العمل بالطين والخشب وما شابه ذلك، فإن الإناث الراشدات يفضلن ورشة الخياطة، رغم أنهن بإمكانهن القيام بالأشغال التي يقوم بها الذكور، حيث تبدأ المشرفات تعليمهن الخياطة على مراحل وذلك من خلال البدء بورشة ما قبل الخياطة التي يقمن فيها بالعمل على الورق وعندما تتقن العمل بالإبرة ينتقلن إلى مرحلة أخرى من الخياطة يتم فيها الدمج بين الورق والقماش، ثم الانتقال بعدها إلى الخياطة على القماش برسم لوحات والتي تنجح في خياطة لوحات، تنتقل لخياطة الوسائد وغيرها من الأغراض المنزلية وقد وقفت «آخر ساعة» على الإتقان الكبير الذي ينجزن به عملهن، ووفقا للمربية التي جابت معنا فصول المعرض فإن الألوان التي تختارها الفتيات أثناء الخياطة تعبر عن حالتهن النفسية في ذلك اليوم ومن خلالها يعرف المربي كيف يتعامل مع كل واحدة منهن، كما أوضح المصدر أن من تنجح في هذه المرحلة، تنتقل للعمل بماكينة الخياطة، حيث يقمن بخياطة أغطية الطاولات، حقائب أو سجادات صغيرة توضع عند الأبواب، وبهذا الخصوص كشفت المربية أن الأشغال اليدوية الدقيقة لديها العديد من الفوائد على الطفل، حيث تساعده على التحكم الجيد في حركات اليد والتحرك في المساحات وغيرها والهدف الأول من كل ذلك هو تنمية مختلف قدراته. العنابيون مدعوون للتقرب من المركز وشراء المنتجات وبالنظر إلى العمل الكبير الذي يقوم به هذا المركز الذي افتتح أبوابه سنة 1987 والذي يقدم العديد من الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة دون أن يتحصل على الدعم المالي الكافي، فبالإضافة إلى تنمية القدرات الذهنية للأطفال فإنه يوفر لهم النقل، وجبة على العاشرة صباحا أساسها الحليب، وجبة غذاء متكاملة، خرجات بيداغوجية وسياحية وغيرها من النشاطات الأخرى التي تستحق الثناء والتي تستحق الدعم أيضا من سكان ولاية عنابة الذين بإمكانهم التوجه إلى المركز المتواجد في حي «بيداري» ببلدية البوني وشراء ما أبدعته أنامل ذوي الاحتياجات الخاصة التي عرضها القائمون على المركز للبيع وذلك حتى يتمكنوا من استغلال تلك العوائد المالية في شراء أجهزة جديدة على غرار الكراسي والطاولات وغيرها من حاجيات المركز التي تعود بالفائدة على هذه الفئة، فكلما كان البيع أكثر كلما تحسنت وضعية المركز أكثر، خصوصا وأن هذا الأخير لا يتحصل على الدعم المالي الكافي من الدولة رغم العمل الكبير الذي يقوم به، حيث أكدت لنا إحدى المربيات بأن ما يتم إنجازه في هذا المركز لا ينجز في باقي المراكز المنتشرة عبر التراب الوطني وما ساعد على ذلك هو أن الطاقم كله من العنصر النسوي. عويدي إيمان (مختصة نفسانية): على المجتمع تغيير نظرته لذوي الاحتياجات الخاصة» أكدت عويدي إيمان المختصة النفسانية والمتخصصة على مستوى المركز النفسي البيداغوجي في تربية الأطفال المتخلفين ذهنيا بأنهم يقومون بعمل كبير لمساعدة الأطفال على اكتساب أغلب المعارف، حيث قالت بخصوص دورها: «أنا أتكفل بقسم التفطيم وهو أول قسم يمر عبره ذوو الاحتياجات الخاصة، هنا أول شيء نقوم به معهم هو تعليمهم الاستقلالية في قضاء بعض الحاجيات على غرار الذهاب إلى المرحاض، غسل اليدين، اللباس، فمن خلال ذلك يتعرف الطفل على أعضاء جسمه، لأنهم لا يعرفون الصورة الجسمية، حتى إذا أكلوا فإنهم لا يشعرون بذلك الأكل، نحن نعلمهم الحياة اليومية، فعلى سبيل المثال مرحلة تعليمهم الألوان مرحلة دقيقة للغاية، فإذا علمانهم اللون الأحمر فيجب أن يرى الطفل كل شيء يمكن أن يراه بالأحمر كاللباس والطعام ومختلف الأشياء الأخرى، وعندما تقول له مثلا ملعقة فإنك تعطيه جميع أنواع الملاعق، حيث يقوم بتخزين صورة ذهنية وكأنك تكون له قاموس يتضمن كل شيء وبكل التفاصيل»، وأضافت: «في المنزل من الأفضل للأولياء مساعدتهم على الاستقلالية الذاتية، المجتمع ينظر للطفل صاحب الاحتياج الخاص على أنه ليس نظيفا وعدوانيا ولكنه ليس كذلك، إنهم يردون بنفس الطريقة التي يعاملون بها، حيث لديهم درجة كبيرة من الإحساس ويحسون بمن يحبهم ومن لا يحبهم، كما أنهم لا يحبون كلمة معاق، هم يعلمون أنهم مختلفون عن الغير ويتقبلون ذلك ولكن المجتمع لا يتقبلهم». موظفو المركز بحاجة إلى دعم حقيقي من السلطات المحلية يقوم موظفو المركز النفسي البيداغوجي من أخصائيين نفسانيين ومربين وغيرهم من الأخصائيين بعمل كبير مع ذوي الاحتياجات الخاصة الذين أصبحوا بمثابة أطفالهم بالنسبة لهم ولكن العمل الذي يقومون به لا يحظى بالالتفاتة اللازمة من الجهات الوصية، حيث يمكن القول بأن بعضهم يحصل على أجر رمزي من مديرية النشاط الاجتماعي والأمر ذاته بالنسبة لأولئك الذين تتكفل الجمعية بدفع أجورهم وهو الأمر الذي يستدعي تدخل المجلس الشعبي لبلدية البوني والي عنابة من أجل تحسين وضع المركز والعاملين فيه وذلك للارتقاء أكثر بالعمل المنجز خصوصا وأنه موجها لفئة هشة في المجتمع بحاجة لرعاية خاصة، خصوصا وأن سعاد بن جاب الله وزيرة التضامن الوطني والأسرة قامت في إحدى زياراتها لولاية عنابة بتقديم وعود بتحضير تركيبة مالية لتهيئة المركز ولكن ذلك لم يحدث على أرض الواقع إلى غاية الآن. زيارة «آخر ساعة» إلى المركز تتصادف مع عيد ميلاد «فطومة» تصادف زيارة «آخر ساعة» إلى المركز النفسي البيداغوجي «الهناء« الذي تشرف عليه جمعية إعانة الأطفال المتخلفين ذهنيا مع عيد ميلاد فاطمة الزهراء كانوني التي أكملت 24 عاما والتي كانت في قمة السعادة بالأجواء التي صنعتها زميلاتها، مديرة المركز والأخصائيات بهذه المناسبة، حيث أصرت «فطومة» كما ينادونها أن تشاركها «آخر ساعة» هذه الفرصة من خلال الحديث عن عيد ميلادها في الجريدة.