سجلت أسعار النفط، تحسنا طفيفا لتتعافى من أكبر خسارة تسجلها في يوم واحد في نحو 30 عاما، في الوقت الذي يتطلع فيه المستثمرون إلى تحفيز اقتصادي محتمل في ظل حرب أسعار بين روسيا والسعودية وتباطؤ إصابة حالات جديدة بفيروس كورونا في الصين. و ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.85 دولار أو ما يعادل 8.3 بالمائة إلى 37.21 دولار للبرميل، بينما ربحت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 2.46 دولار أو 7.9 بالمائة إلى 33.59 دولار للبرميل. وغداة اختتام اجتماعات منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبيب) و حلفائها، دون التوصل الى اتفاق حول الإجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة انهيار أسعار النفط، يرى الخبير في المسائل الطاقوية و الرئيس المدير العام السابق لسوناطراك عبد المجيد عطار، أن نتائج حرب الأسعار سيؤدي إلى خفض الأسعار في حدود 30 دولار لمدة أسابيع عديدة او أكثر، معتبرا أنه من الضروري أن تواصل اوبيك المشاورات من اجل تخفيض أخر «حتى وان كان ضئيلا«. وقال عطار قبل ظهور فيروس كورونا كانت بلدان اوبيب وحلفاؤهم يواجهون سوقا نفطية متأثرة بانخفاض الاستهلاك المرتبط بالانكماش الاقتصادي و التنافس بين المنتجين، سيما مع الولاياتالمتحدة و إنتاجها من البترول و الغاز الصخري. أما الآن فان الشكوك حول تأثير و مدة الوباء أصبحت مستحيلة التقييم تقريبا، و بدرجة الخطورة التي تغلب فيها مبدا كل واحد لنفسه، و ذلك لأسباب أولا اقتصادية حيث أن روسيا لم تعد متأكدة من تعويض خسائرها من ارتفاع محتمل للأسعار مقارنة بخفض جديد للإنتاج حتى وان كانت احتياجاتها قائمة على برميل نفط ب40 دولار. كما تابع لا ينبغي كذلك ان ننسى بان مصالحهم الجيوستراتيجية و السياسية جد متعارضة .الا أنه من المبكر ان نتنبأ بأي شيء حول مستقبل اتفاق التعاون في اوبيب + و لا حتى حول مدة حرب الأسعار التي أعلنتها العربية السعودية. ولفت ليس من مصلحة اي عضو في منظمة اوبيب في هذا الوقت أن يعمل أو يتسبب في انشطار هذه المنظمة، لأنه و عكس روسيا التي تبدو انها قانعة مؤقتا بسعر يتراوح بين 40 و 50 دولار، فان جميع المنتجين الآخرين أصبحوا جد متضررين من وجهة النظر الاقتصادية. وحول تأثير ذلك على الجزائر قال عبد المجيد عطار أنه بالنظر إلى الوضعية الحالية يمكن أن نقول انه ليس في أحسن الأحوال ليس بسبب الوباء فقط، حتى مع احتمال الاستقرار و ربما التراجع ابتداء من شهر مايو (فصل حار و تحكم احسن في انتشاره) الذي سيؤثر على السوق. أما حرب الأسعار التي أعلنتها العربية السعودية فستؤدي الى انخفاض أسعار البرميل إلى مستوى يقارب 30 دولار خلال أسابيع عديدة أو أكثر. لكن هذه الوضعية حسب رأيه لن تدوم طويلا لان العرض الإضافي لنفط العربية السعودية أو أي بلد مصدر أخر لن يجد له مشتري في الأخير حتى بأبخس الأثمان، بالنظر إلى المستوى المنخفض جدا للطلب مع المخزونات العالمية التي توجد في أعلى مستوى لها. أما المحتمل جدا هو ان العالم بصدد التوجه نحو أزمة اقتصادية عالمية اخطر من تلك التي حدثت في 2008. و يبقى امل وحيد، لأنه بأقل من 40 دولار للبرميل، يحتمل ان يعرف جزء من الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري انخفاضا إلى ما دون 8.5 مليون برميل يوميا، حيث أن إنتاجها الإجمالي الحالي يقدر ب13 مليون برميل يوميا. أما فيما يخص الجزائر فإن الآثار جد سلبية على جميع التوقعات الاقتصادية و المالية بما أن قانون ماليتنا قد تم إعداده على أساس سعر برميل نفط ب60 دولار. و بالتالي فإن قانون مالية تكميلي لا مناص منه مع احتمال اللجوء المكثف إلى الاحتياطات المالية للبلاد. و عليه فإن الوقت مناسب أكثر من أي وقت مضى، للإسراع بالقيام بإصلاحات عميقة على جميع المستويات.